العناوين الرئيسيةسوريةسياسة

العبسي لـ”الوطن”: دبلوماسية سوريا الجديدة تتجه إلى بناء علاقات ندية متوازنة

أوضح المحلل السياسي عصمت العبسي، أن المشهد الدبلوماسي السوري يشهد اليوم تحولاً عميقاً يعكس ملامح الدولة الجديدة التي أعادت الاعتبار إلى مفهوم السيادة والندية في العلاقات الدولية وتصحيح بوصلة المصالح مع الشركاء الإقليميين والدوليين يما يحفظ المصلحة الوطنية العليا واستقلال القرار السوري، وذلك بعد سنواتٍ من الارتهان والاختلال في ميزان المصالح الذي كرّسه النظام البائد للحفاظ على سلطته.

ورأى العبسي في تصريح لـ”الوطن”، أن السياسة الخارجية السورية تتفرد اليوم بابتعادها عن منطق المحاور والاستقطاب، واعتمادها مبدأ الاستقلال في القرار والمصالح العليا للشعب، وهو ما ظهر جلياً في إدارة دمشق لعلاقاتها مع الدول الكبرى، وفي مقدمتها روسيا والصين، إلى جانب دول الجوار كلبنان، مبيناً أن الملف الروسي كان أحد أكثر الملفات حساسية وأعقدها والذي ورثته الدولة الجديدة عن النظام البائد، بعد أن حوله الأخير إلى أداة لتثبيت سلطته على حساب سيادة البلاد، كما صرح وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني في مقابلته أمس مع قناة الإخبارية السورية.

وأشار العبسي إلى أن المعادلة تغيرت بالكامل، حيث نجحت القيادة السورية في تحييد الدور الروسي أثناء معركة “ردع العدوان”، ثم أعادت فتح القنوات الدبلوماسية مع موسكو على وقع المعركة ومن موقع القوة، مبيناً أن إسقاط النظام البائد لا يعني إسقاط العلاقات التاريخية مع روسيا، بل تصحيحها لتقوم على مبدأ الندية والمصالح المشتركة.

وثمّن العبسي نهج الدبلوماسية السورية الجديد والذي أعاد تقييم كل الاتفاقيات السابقة مع موسكو، بما فيها تلك المتعلقة بقاعدتي حميميم وطرطوس، حيث بات الوجود الروسي في سوريا معلّقاً، ريثما يُعاد تعريف دوره وفق رؤية وطنية واضحة تضع مصالح السوريين فوق كل اعتبار، كما أوضح الوزير الشيباني بوضوحٍ نادر.

ولفت العبسي إلى أن الدبلوماسية السورية لم تتوقف عند حدود تصحيح العلاقة مع روسيا، بل امتدت إلى الصين أيضاً، حيث تم خلال الأشهر الماضية ترميم العلاقة مع بكين التي كانت منحازة للنظام البائد وغطت جرائمه في المحافل الدولية، بينما تمت اليوم إعادة هذه العلاقة إلى مسار متكافئ يتيح لسوريا الاستفادة من الخبرة الصينية في مرحلة إعادة الإعمار، من دون أن تتحول إلى ساحة نفوذ جديدة.

واعتبر العبسي أن العلاقة مع لبنان كانت ولا تزال لها حالة خاصة، إذ ترك النظام البائد وراءه إرثاً مشوّهاً في العلاقة بين البلدين، قوامه التشبيح السياسي والتدخل في الشؤون الداخلية، في حين تنطلق سوريا الجديدة في علاقتها مع لبنان من مبدأ التكامل لا الوصاية، وتسعى إلى بناء علاقات طبيعية قائمة على حسن الجوار والتعاون، تشمل تنظيم عودة اللاجئين السوريين بشكل كريم، ومعالجة الملفات العالقة، ومنها قضية الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية، ما يعكس توجهاً إنسانياً ودبلوماسياً جديداً يعيد الثقة بين الشعبين.

وشدد العبسي على أن نجاح الدبلوماسية السورية في هذه الملفات المتشابكة يثبت أن سوريا الجديدة تمارس سياسة خارجية ناضجة، هادئة، وعقلانية، تُحسن استخدام الفرص الدولية، وتضع في أولوياتها مصلحة المواطن السوري وكرامته، وتثبت أن زمن الارتهان والصفقات المشبوهة قد ولّى إلى غير رجعة.

الوطن

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock