العناوين الرئيسيةسورية

العدالة الانتقالية في سوريا ليست مجرد مسار قانوني أو سياسي بل عملية وطنية شاملة

تشكل العدالة الانتقالية حجر الأساس لأي عملية انتقال سياسي ذات مصداقية، فهي شرط لعودة الثقة العامة، واستعادة السلام الأهلي، وبناء دولة القانون القائمة على حقوق الإنسان، ومنع إعادة إنتاج المنظومات القمعية التي حكمت سوريا لعقود.

ومن تلك الرؤية، كانت ورشة العمل الحقوقية المتخصصة حول العدالة الانتقالية في سوريا، والتي عقدها المجلس العربي قبل أيام، 21 الشهر الجاري في مقره بمدينة إسطنبول، مستهدفة بناء تصور عملي وشامل لمسار العدالة الانتقالية في سوريا، في ضوء تعقيدات الصراع، وتعدد الانتهاكات، وغياب الأطر المؤسسية الفاعلة خلال العقد الماضي.

وأكد المعتصم الكيلاني  الخبير القانوني المقيم في باريس والمتخصص في مجال حقوق الإنسان والقانون الجنائي الدولي، أحد منظمي الورشة لـ”الوطن” أن المشاركين أجمعوا خلال تشخيص الحالة السورية على أن العدالة الانتقالية ضرورة وطنية وليست خياراً سياسياً، معتبرين أن إنشاء الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية، والهيئة الوطنية للمفقودين مدخل ضروري لبدء مسار العدالة، مؤكدين ضرورة تمكين هاتين الهيئتين دستورياً ومالياً، وضمان استقلاليتهما التامة وإدارتهما وفق معايير مهنية موحدة.

وأشار إلى أن المشاركين أكدوا أن الضحية هي محور العملية الانتقالية، وأن كشف الحقيقة هو الأساس لعدم تكرار الانتهاكات، وضرورة المحاسبة العادلة ورفض الإفلات من العقاب، من خلال المحاسبة الفردية للمرتكبين الرئيسيين للجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، وعدم القبول بالعفو الشامل عن الجرائم الجسيمة، ورفض مقايضة العدالة باتفاقات سياسية أو مالية، والتعاون مع الآليات الدولية، بما فيها الآليات الأممية، إضافة إلى الاستفادة من الولاية القضائية العالمية.

وحسب الكيلاني، بيّن المشاركون أن العدالة لن تكتمل من دون إصلاح مؤسسي عميق، يشمل إعادة هيكلة القضاء، وتفكيك شبكات الفساد والمحسوبيات، ومراجعة البنية الأمنية وضمان خضوعها للسلطة المدنية المنتخبة، وبناء قضاء مستقل قادر على التعامل مع الملفات المعقدة المتعلقة بالجرائم الكبرى.

وقال المشاركون في بيان حول مخرجات الورشة:” لن تكون العدالة الانتقالية ذات معنى إذا استمرت الاعتقالات التعسفية، والإخفاء القسري، والاغتيالات، وانتشار السلاح”.

كما جرى خلال الورشة استعراض تجارب تونس، رواندا، جنوب إفريقيا، العراق ولبنان.

وخلصت الورشة إلى أن العدالة الانتقالية في سوريا ليست مجرد مسار قانوني أو سياسي، بل عملية وطنية شاملة تتطلب إرادة سياسية مستقلة، ومؤسسات قضائية نزيهة، ومشاركة واسعة للضحايا، ومن المجتمع المدني الفاعل، وتعاوناً دولياً مستداماً.

وعقدت الورشة برئاسة الدكتور منصف المرزوقي، رئيس المجلس العربي ورئيس الجمهورية التونسية الأسبق، بمشاركة نخبة من الخبراء، والقضاة السابقين، والحقوقيين، والباحثين السوريين والعرب، إضافة إلى ممثلين عن منظمات مجتمع مدني سورية.

الوطن

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock