مقالات وآراء

العلاج «بالحكي»!

بقلم : عبد الفتاح العوض

لا سياسة في هذا الموضوع.. لا أقصد أولئك الذين يطعمون الناس شعارات ويشربونهم خطابات ولا تلك وعود العسل القادمة عاماً إثر عام. أتحدث فعلاً عن العلاج «بالحكي»… لا قبله ولا بعده، كلنا يعرف هذه اللحظة التي يُحتاج فيها إلى «الحكي» للثرثرة أو «الفضفضة» إن كان التعبير مناسباً. فلماذا يرتاح الناس عندما يتحدثون؟ علماء النفس تحدثوا عما سموه «العلاج المعرفي السلوكي» وهو نوع يعتمد على تغيير الطريقة التي يفكر فيها الإنسان، وهذا لا يتم إلا إذا عبّر الإنسان عن خفايا نفسه. هؤلاء يقولون: إن التحدث عن كل ما يدور في داخلك يساعد على توضيح مشكلاتك ووضعها في نصابها الصحيح. يعني أنت تتحدث بحرية مطلقة عن مشاعرك وأفكارك ومخاوفك ومشكلاتك، وهذا الحوار حتى مع نفسك يضعها في حجمها من دون مبالغات تضخمها ومن دون مبالاة تصغرها. فرويد تحدث عن فكرة التداعي الحر حيث يقول الشخص أي شيء يخطر على باله من دون إخفاء أي تفاصيل. لكن علماء نفس كثراً اعتبروا أن الصوت الداخلي وحده غير كاف.. يعني أن تتحدث عن نفسك مع نفسك، بل تحتاج إلى مستمع ذكي ومتعاطف يعرف متى يسكت ويعرف متى يسأل. لن أخوض في مشابهة العلاج بالحكي بمفهوم الاعتراف في الكنيسة، لكن من الواضح العلاج بكلام يساعد في حل مشكلات نفسية حتى تلك التي تتعلق بالماضي. في هذا الموضوع كثير من القضايا المتشابكة. النساء أكثر رغبة بالفضفضة من الرجال.. غالباً الرجل يدخل إلى عالمه الخاص ويتحدث عن نفسه مع نفسه بينما المرأة يكون لديها حاجة إلى آخر يستمع ويتعاطف ويتأثر.. لا تريد نصيحة ولا حكيماً، تريد مستمعاً متعاطفاً وحسب! أخيراً لن أتحدث عن أثر الكلمة الطيب.. أختم مع المتنبي في بيت شعر مذهل الجمال: لا خيل عندك تهديها ولا مال فليسعد النطق إن لم يسعد الحال
قول:
– ما نتركه بالمنطق لا ينبغي أن نعود إليه بالعاطفة

– يمكننا التخلص من صديق بكلمة واحدة، لكن ألف كلمة لا تكفي لاكتسابه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock