سياسةعربي ودولي

المجاعة في غزة.. كارثة إنسانية وثنائية إبادة للعدوان الإسرائيلي

لا غذاء ولا دواء ولا ماء، أجساد أنهكها الجوع، وآخرون يسقطون أرضاً ويفقدون وعيهم، وأعداد غير مسبوقة من كل الأعمار تصل إلى المستشفيات في حالة إجهاد وإعياء شديدين، بهذه الكلمات تتعالى صرخات الفلسطينيين يومياً من مواجهة الجوع وازدياد شدته في قطاع غزة وسط استمرار الحصار والعدوان الإسرائيلي المتواصل، ما أدى إلى دخول القطاع مرحلة غير مسبوقة من المجاعة، وفق تقارير أممية وأرقام رسمية صادمة.

وفي تطور مأساوي جديد، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة اليوم الاثنين إن 19 شخصاً توفوا خلال 24 ساعة فقط نتيجة الجوع، ما يرفع عدد ضحايا المجاعة إلى مستويات تنذر بكارثة إنسانية شاملة، ولاسيما مع دخول العدوان الإسرائيلي على القطاع يومه الـ654، فضلاً عن إغلاق المعابر أمام قوافل الإغاثة والمساعدات الغذائية والطبية، حيث تحوّل الجوع إلى “سلاح حرب” يستهدف المدنيين ويكمل ما بدأته الغارات الإسرائيلية لكسر إرادة الفلسطينيين.

بدوره، وصف برنامج الأغذية العالمي في بيان صحفي اليوم، الوضع الإنساني في غزة بأنه وصل إلى مرحلة “غير مسبوقة من التدهور”، مشيراً إلى أن نحو 90 ألف طفل وامرأة يعانون من سوء تغذية حاد، وأن ثلث سكان القطاع يُحرمون من الطعام لأيام متتالية، كما أعرب البرنامج عن “قلقه العميق” إزاء اعتداء قوات الاحتلال على المدنيين الذين ينتظرون المساعدات الغذائية، ما أدى إلى استشهاد عدد غير معروف من الفلسطينيين أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء لعائلاتهم.

ويمتد أثر المجاعة وسلاح “التجويع” الذي يمارسه الاحتلال الإسرائيلي إلى جميع مناحي الحياة في قطاع غزة، إذ وثقت تقارير أممية أن 60 بالمئة من سكان القطاع يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بينما يعاني أكثر من 55 بالمئة من الأطفال دون سن الخامسة من تقزم النمو نتيجة سوء التغذية المزمن، كما تركت المجاعة آثاراً جسيمة على صحة السكان، وخاصة الأطفال والنساء وكبار السن، وتكشف تقارير طبية حديثة عن انتشار أمراض نقص المناعة وفقر الدم والجفاف، وأمراض معدية أخرى، في ظل انهيار شبه كامل للقطاع الصحي ونقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية.

وتشير بيانات وزارة الصحة إلى وفاة أكثر من 3500 طفل خلال الأشهر الستة الماضية بسبب المجاعة، في حين تجاوز عدد الأطفال المصابين بسوء تغذية حاد 150 ألف طفل، إضافة إلى زيادة أمراض سوء التغذية بنسبة 70 بالمئة، فضلاً عن انعدام المواد الغذائية الأساسية.

وفي ظل هذا الواقع المأساوي، بات واضحاً أن المجاعة في غزة ليست مجرد أزمة إنسانية عابرة، بل جريمة منظمة تهدد وجود شعب بأكمله، حيث يحذر خبراء ومراقبون من أن بقاء الوضع على ما هو عليه يعني انهياراً كاملاً للنظام الصحي والاجتماعي والتعليمي في القطاع، وتحوّل المجاعة إلى أداة إبادة جماعية يمارسها الاحتلال الإسرائيلي على مرأى ومسمع العالم.

وكالات

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock