المعامل الغذائية أولاً من حيث العدد والنسيج أولاً من حيث عدد العمال

تكشف بيانات وزارة الاقتصاد والصناعة عن ارتفاع كبير في عدد المنشآت الصناعية المرخصة وفق القانون 21، حيث بلغ العدد حتى نهاية الربع الثالث من العام الجاري 2225 منشأة يعمل فيها 25643 عاملاً.
ويُظهر هذا الرقم واحداً من أكبر معدلات النمو الصناعي خلال السنوات الماضية، إذ استحوذ القطاع الغذائي على الحصة الأكبر بـ 536 منشأة تضم 6101 عاملاً، ما يمثّل نحو 24% من إجمالي العمالة وقرابة 24% من إجمالي المنشآت. بينما القطاع الكيميائي جاء في المرتبة الثانية بعدد 643 منشأة يعمل فيها 4556 عاملاً، أي ما نسبته 20% من العمالة وقرابة 29% من عدد المنشآت، وهو مؤشر يعكس أهمية الصناعات الكيميائية في تركيبة الإنتاج السوري.
أما القطاع النسيجي، فحافظ على موقعه التاريخي بوصفه أحد أكثر القطاعات كثافة عمالية، حيث ضم 465 منشأة يعمل فيها 10445 عاملاً، أي ما نسبته أكثر من 40% من إجمالي العمالة الصناعية، ما يجعله القطاع الأكثر استيعاباً لليد العاملة. وفي المقابل، يشهد القطاع الهندسي حضوراً مستقراً عبر 581 منشأة تضم 4941 عاملاً، بنسبة تقارب 19% من إجمالي العمالة، وهو ما يعكس أهمية الصناعات الهندسية في دعم الصناعات التحويلية والخدمات الإنتاجية.
هذه الأرقام تعكس توسعاً صناعياً يحمل مؤشرات انتعاش، ورغبة واضحة لدى المستثمرين بالعودة إلى خطوط الإنتاج رغم التحديات التمويلية والتشغيلية.
خطوة أولى رغم محدودية الأرقام
وعلى مستوى الاستثمار الصناعي وفق القوانين الناظمة للاستثمار، تظهر البيانات أن المنشآت التي دخلت مرحلة التنفيذ الفعلي لا تزال محدودة جداً، حيث لم تتجاوز منشأتين اثنتين تعملان بـ 65 عاملاً فقط. وتتوزع هذه المنشآت بين منشأة غذائية تضم 50 عاملاً، تمثّل نحو 77% من العمالة الاستثمارية المنفذة، ومنشأة كيميائية يعمل فيها 15 عاملاً بنسبة 23%.
ورغم محدودية الرقم مقارنة بحجم التراخيص، إلا أن دخوله مرحلة التنفيذ يشكّل مؤشراً على إمكانية تحريك الاستثمار الصناعي النوعي إذا توافرت بيئة تشغيل أكثر استقراراً، وفرص تمويل تكفل استدامة الإنتاج.
نشاط واسع في الترخيص وضعيف في التنفيذ
وفي ما يتعلق بالحرف الصناعية، تكشف البيانات أن عدد الحرف المرخصة بلغ 532 منشأة يعمل فيها 2219 عاملاً، موزعة على مختلف القطاعات، ما يعكس حراكاً متزايداً في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والتي تعدّ الأساس الحيوي للنشاط الصناعي السوري. فقد سجّل القطاع الغذائي الحصة الأكبر من العمالة والحرف، يليه القطاع الكيميائي ثم النسيجي، بينما يحافظ القطاع الهندسي على دور مهم في الصناعات الخفيفة.
أما الحرف التي انتقلت فعلياً إلى التنفيذ فقد بلغت 56 منشأة يعمل فيها 141 عاملاً فقط، وهو رقم متواضع قياساً بعدد التراخيص، لكنه يعكس قدرة هذه المشاريع على تجاوز عتبة الانطلاق رغم التحديات. ويستمر القطاعان الغذائي والهندسي في تسجيل الحضور الأكبر ضمن الحرف المنفذة، في حين تبقى القطاعات الأخرى أقل قدرة على التحول إلى الإنتاج.
وتُظهر البيانات أن سوريا تشهد حراكاً صناعياً متزايداً، يتجلى بوضوح في حجم التراخيص الجديدة، خصوصاً ضمن القانون 21، بينما لا يزال الانتقال إلى مرحلة التنفيذ الفعلي يحتاج إلى معالجة تحديات التمويل والطاقة والاستقرار التشريعي. ومع ذلك، فإن هذا الزخم في الترخيص يمثل قاعدة مهمة لإعادة بناء القطاع الصناعي إذا ما توافرت الظروف التشغيلية المناسبة.
الوطن