العناوين الرئيسيةمحلي

الوزير رائد الصالح والباحث يمان زباد يتناولان ظاهرتي التهجير والشتات في ملتقى “الحكاية السورية” 

ضمن فعاليات ملتقى “الحكاية السورية”، أقيمت في المكتبة الوطنية بدمشق، ندوة حوارية بعنوان “التهجير والشتات السوري، قدّمها كل من وزير الطوارئ والكوارث رائد الصالح والباحث يمان زباد، وأدارها لؤي عبد الهادي.

وتناولت المحاضرة بعمق ظاهرة التهجير القسري والنزوح الداخلي والخارجي، مع تسليط الضوء على قضايا اللجوء وتحديات المخيمات. حيث قدّم الوزير استعراضاً للجهود الحكومية المبذولة في إدارة ملفات الطوارئ والكوارث المتعلقة بالنازحين واللاجئين، على حين تناول زباد الأبعاد الاجتماعية والقانونية لأزمة اللجوء والشتات السوري وتأثيرها في النسيج الوطني والمستقبل التنموي.

 

مركز وطني

لفت الوزير إلى أن الشعب السوري واجه أسوأ وأكبر موجة لجوء ونزوح في العالم، وهي لم تبدأ مع احتدام قبضة النظام على السوريين خلال سنوات الثورة، بل بدأت مع تسلم حزب البعث وحافظ الأسد السلطة في سوريا، ما أدى إلى نزوح آلاف الأشخاص، موضحاً أنه بقي في المخيمات مدة ما يزيد على ٦ سنوات، وأنه من دواعي سروره وما يفخر به أن انطلاقة مسيرته كانت من المخيمات، ولعل أهم ما قامت به السلطة الوليدة في سوريا اختيار وزراء عاشوا وعانوا ويلات التهجير واللجوء واحتكوا بالناس بشكل مباشر، لأنهم الأقدر على الشعور بمعاناة أولئك الأشخاص.

أما عن آلية عودة النازحين إلى مناطقهم، فأشار الصالح إلى أن الأولوية تبدأ بإزالة الأنقاض والركام، إذ لا يكاد يخلو مكان من القرى والمدن التي نزح أهلها إلا وقصفها النظام البائد ودمرها بشكل شبه كلي، علاوة على وجود عدد كبير من الألغام ومخلفات الحرب في بقع جغرافية كثيرة، وعليه فقد تم إجراء مسح كلي لملايين الأمتار المكعبة من الأنقاض، وباشرت الوزارة بإجراء حملات لإزالة آلاف الكيلو مترات، منها في مناطق الشمال وستنطلق قريباً في ريف دمشق.

كما نبّه الصالح إلى ضرورة إحداث مركز وطني لإزالة الألغام ولمكافحتها ودراسة التجارب الدولية في ذلك، وعليه فقد تم استقدام أول “درون” متطورة في العالم يمكنها تحديد مكان وجود الألغام ومدى خطورتها، وقد تم تجريب نسخ سابقة منها في أوكرانيا، وسيتم بدء العمل بها خلال الشهر القادم، كما تم إجراء دراسة شاملة لكاسحات الألغام حول العالم، وسيتم استقدام أكثرها تطوراً، منوهاً بأن قطاع الصرف الصحي والمياه أمر ضروري ويتم التنسيق مع الوزارات المعنية لوضع بنية تحتية وخطة أولية لإنجاز ذلك.

وأكد الصالح أنه في سبيل ذلك، تم إرسال الكثير من الفرق والمتطوعين للقيام بتدريبات ميدانية حول كيفية التعامل مع الألغام وتجنبها ومكافحتها في عدة دول عاشت التجربة سابقاً ولها باع طويل في ذلك، مبيناً أن حجم الطلبات المقدمة من الأهالي في سبيل الكشف والتخلص من الألغام تفوق بعشرات المرات قدرة الوزارة على التلبية، ولذلك نقوم بتدريب وتهيئة الكثير من الفرق والمتدربين.

 

أبحاث مطولة

من جانبه أوضح يمان زباد أن الحكاية السورية والسردية التي حاول نظام الأسد شيطنتها أمر متشعب وطويل، يحتاج أبحاثاً كثيرة ومطولة، وقد حاول المستبد عبر آلاف السنين أن يجعل المظلوم يركن لمظلوميته ويستسلم، وإن كانت قضاياه محقة ستفشل بالنهاية، وهو ما خُيّل للأسد.

كما لفت إلى أن فلسفة التهجير لجأ إليها الأسد كحل أخير لنسف الحواضن المجتمعية التي خرجت بمظاهرات ضده أو رفضت وجوده، ولكن فعلياً الثورة السورية عجّلت عملية التهجير والشتات ولم تصنعها، فالتهجير بدأ منذ استلام البعث للسلطة وامتد باستمراره، فنجد على سبيل المثال مدناً بأكملها عمل النظام الأسدي على إجراء مجازر عمرانية فيها والقضاء على وجود الأماكن التاريخية والتراثية فيها، وهو ما يسعى له أي محتل في العالم بإجراء التغيير الديموغرافي، كما أن الأسد طبّق نموذجاً رومانياً قديماً، حيث لم تكتف القوى العسكرية بقتل السكان في المدن بل أحدثت مستعمرات عسكرية فيها، مبيناً أن الأسد الأب والابن استفادا من تجارب كثير من القادة العسكريين المجرمين، منهم ستالين وهولاكو وغيرهم، موضحاً أننا لمسنا ذلك مباشرة خلال بدايات الثورة بخروج المظاهرات السلمية في مدن ومحافظات سورية عدة والتي استمرت ساعات، على حين في دمشق وضواحيها التي كان يتمركز فيها النظام وأذرعه الأمنية ونقاطه العسكرية لم تستمر المظاهرات لما يزيد على عشر دقائق.

وثمّن زباد التضحيات الشعبية السورية حيث فضّل السوري الابتعاد عن موطنه ومسقط رأسه ليعيش بحرية، وقد عمل النظام بجهود ثقافية وإعلامية وحرب مضادة لتشويه الذاكرة السورية، وهو ما عملت عليه بثينة شعبان بمشروع “وثيقة وطن”، كما تعاون النظام مع كتّاب وسياسيين وباحثين أجانب لتلميع صورته وتشويه سردية الثورة.

 

وختم: “الكثير من الناس في حيرة من أمرهم بين العودة إلى سوريا أو البقاء خارجاً بسبب تضارب الأخبار والروايات، ونحن نؤكد أن الواقع ليس وردياً وليس بالمستوى المطلوب، ولكن الإنجاز الذي قدّمته السلطة الجديدة في غضون أشهر قليلة يعد تاريخياً وتقدماً مهماً، وإن عودة السوريين اليوم إلى بلدهم تعد واجباً وطنياً للمشاركة في بناء سوريا، ولعل من أهم واجبات الدولة السورية الجديدة أن تتواصل مع الجاليات السورية خارجاً وحوامل الثورة المقيمين في أمريكا وأوروبا.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock