العناوين الرئيسيةمحلي

الوطن” تسأل .. كيف يقضي السوريون ليالي الحظر التي فرضتها “كورونا”؟

أعادت الإجراءات، التي اتخذتها الحكومة السورية مؤخراً بهدف التصدي لفيروس “كورونا” لاسيما الإعلان عن فرض حظر التجول من الساعة السادسة مساء حتى السادسة صباحاً، العائلات السورية للتجمع مجدداً على الطريقة التي عهدتها أجيال سبقت الجيل الحالي.
وأجبر حظر التجول السوريين على الركون إلى منازلهم والتخلي عن الكثير من العادات والأعمال التي درجوا عليها مؤخراً، والتي تسببت بها ضغوطات المعيشة في غالب الأحيان، ليجدوا أنفسهم أمام حالة أسرية جديدة نسياً، دفعت بالبعض إلى التعبير عنها بطريقة “ساخرة”، بالقول “بدأنا بالتعرف على بعضنا مجدداً”.
ولدى محاولة “الوطن” استطلاع حال عدد من السوريين ومن مناطق مختلفة وسؤالهم عن كيفية قضائهم وأسرهم لليالي الحظر؟، وما الجديد الذي فرضته الحالة الطارئة المستجدة التي تسببت بها “كورونا”، بدت بعض الإجابات لافتة وبعضها مبشرة، لاسيما عندما يشير عدد من المستطلعين بأن وقتهم أمضوه بالقراءة، واستعادة هذا التقليد الذي تلاشى شيئاً فشيئاً.
إحدى السيدات قالت لـ”الوطن” في معرض التعبير عن فرحتها بما قدمه لها “كورونا”: ” أتمنى استمرار كورونا لأطول وقت، كنت أشعر بالملل لوحدي مع غياب زوجي المتواصل بسبب عمله بالتجارة، واليوم أشعر بسعادة لاتوصف والأولاد يتعرفون على والدهم مجدداً”.
أما كيف يجري قضاء الوقت في ظل حظر التجول، فقد تراوحت الإجابات، لدى المستطلعين من قبل “الوطن”، بين قراءة الكتب، والركون إلى الكتابة، والجلوس لتصفح ” الانترنيت” ومشاهدة ما يخطر بالبال من مسلسلات وأفلام على ” اليوتيوب”، لتظهر وسائل التواصل الاجتماعي كأحد المنقذين لحالات الملل التي تسللت بسرعة لدى البعض، هذا إن وجدت ” الكهرباء” كما يشتكي الجميع.
ومع مرور أيام قليلة على سريان حظر التجول نجد أنفسنا أمام سيل من الانطباعات الإيجابية، على الأقل من بين الذين سألتهم “الوطن”، لكن هذا لن يعني بالضرورة أن هذه الحالة المثالية “الظاهرة” قد تواصل مثاليتها، لاسيما إذا ما بحثنا في رأي العلم حول مثل هذه الحالات التي يمر بها المجتمع السوري كجزء مما تمر به البشرية جمعاء.
رئيس مركز المعطيات والدراسات الاستراتيجية الدكتور عماد فوزي شعيبي، اعتبر في معرض إجابته عن تساؤل “الوطن” أن وباء “كورونا” يطرح أسئلة فلسفية واجتماعية وتأثيرات نفسيّة عديدة، فعاملاً معدياً من فيروس كورونا يبلغ قطره حوالي 80-120 نانومترا، أي أقل من شعرة الإنسان بحوالي ألف مرة وحد العالم؛ دولا قوية ودولا فقيرة ولأول مرة. فما لم تستطعه الأفكار الفلسفية تستطيعه خلايا ميكروية، ذلك أن دولاً عُظمى اعتادت أن تتجبر على الآخرين اليوم هي إما في حالة وهن أو ارتباك، أو في حالة إنكار إلى حين متساوية مع الآخرين بذاك.
واليوم يتساوى البشر أمام حقيقة وجوديّة وهي الوجه الآخر للحياة (الموت). 120 نانو متر يستطيع أن يلغي كل الحواجز المختلقة بين البشر. فاليوم التعالي تسخر منه الكورونا والسخرية يتعادل بها الجميع.
شعيبي اعتبر أن التمركز حول الذات يعكس فلسفة نفسيّة للبشر من حيث أنهم يريدون إنقاذ أنفسهم وعندما يرون مريضاً لايجرؤون على الاقتراب منه (بخلاف الأطباء)، وهذا ما قد يعزز هذا التمركز على الذات متجاوزاً الأنانية نحو ما هو أخطر.، كما أن ومع كثرة التعقيم والغسل فنحن مقبولون على متلازمة عالية للوسواس القهري قد تنعكس سلوكاً بشريّا جماعياً بعد الانتهاء من الجائحة، تتراجع فيها الحميميّة والمصافحة والعناق حتى بين الأحبة. وهذا أمر سينعكس على فلسفة العلاقة بين الجنسين. وعلى الحب أيضاً ” تخيلوا حباً بدون عناق ولا قُبل وهذا فعلي وليس مجرد مزاح”.
ونبه شعيبي إلى أن الجائحة قد تنعكس بإنتاج فلسفة وجوديّة متفرّدة، يرى فيها البعض أن الابتعاد عن الآخرين خير من التواصل معهم ما يزد في العزلة التي خلقتها وسائل التواصل الاجتماعي، لتصبح فلسفة تقول أن البشر مصدر لموتي وبالتالي فالعزلة عنهم أجدى.
شعيبي لفت إلى أن العزل الصحي سيحدد المعنى الحقيقي لنظام الأسرة الذي أنُشيء قبل نحو 4000 عام، والذي لايُختبر إلاّ في مرحلة التقاعد، وقد يجيب على سؤال عن مدى فاعليته في هذا العصر ومدى قدرته على رسم تعاون في لحظة إصابة معديّة، وهذا سينعكس على مفهوم الحب أيضاً.

سيلفا رزوق ـ الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock