العناوين الرئيسيةسوريةسياسة

اليوم العاشر من  “ردع العدوان”.. حمص على الأسوار والجنوب يطوق دمشق

لم يكن اليوم العاشر من معركة “ردع العدوان” مجرد حلقة إضافية في سلسلة المواجهات، بل شكل نقطة انعطاف كبرى، فالمعارك خرجت من إطار الشمال والوسط السوري لتتوسع نحو الجنوب والشرق، مقتربة من العاصمة دمشق من الشمال عبر حمص، ومن الجنوب عبر درعا والقنيطرة.

هذا التمدد رسم خريطة جديدة لم تشهدها البلاد منذ عام 2011، وذلك عبر هجوم بثلاثة محاور حيد التفوق الجوي للنظام، إذ لم يكن التقدم نحو حمص عملاً منفصلاً، بل امتداد طبيعي لتحرير حلب والشمال السوري وريفي إدلب وحماة ومدينة حماة، قبل الانتقال إلى الخاصرة الجنوبية في ريف حمص الشمالي، حيث تحول الطريق الدولي بين حماة وحمص من شريان يربط الساحل بالعاصمة دمشق، إلى خط إمداد مفتوح للفصائل، وتحولت مدينة حمص عملياً إلى مدينة محاصرة من الشمال والوسط، يجري استنزاف دفاعاتها الأخيرة تباعاً.

 العقدة الجغرافية والتحول المفصلي

على محور حمص، تحول اليوم العاشر إلى محطة مفصلية، حيث سيطرت قوات الثوار على مدينتي تلبيسة والرستن ومعظم الريف الشمالي، مقتربة من أسوار حمص بمسافة لا تتجاوز خمسة كيلومترات، ورغم الغارات الروسية وقوات النظام على جسر الرستن وتلبيسة، تمكن الثوار من تثبيت مواقعهم، مستخدمة المسيّرات “شاهين” التي لعبت دوراً حاسماً في استهداف تجمعات “جيش الأسد” على طريق حماة–حمص، ومع انسحاب قوات النظام باتجاه الساحل، بدا أن حمص أصبحت عملياً مدينة محاصرة من الشمال والوسط.

وفي تصريح لافت، قال المتحدث باسم “إدارة العمليات العسكرية” المقدم حسن عبد الغني: “حررت قواتنا آخر قرية على تخوم مدينة حمص وباتت على أسوارها، من هنا نوجه النداء الأخير لقوات النظام: هذه فرصتكم للانشقاق”، موجهاً النصح لقوات النظام بإعادة التموضع خارج سوريا كلها.

بعد انهيار دفاعات النظام في الرستن وتلبيسة، أصبحت حمص عقدة الجغرافيا السورية، بقبضة الثوار، ومع السيطرة على الطريق الدولي “M5” وقطع خطوط الإمداد، أعلنت “إدارة العمليات العسكرية” تحرير حمص بالكامل، هذا التحرير لم يكن مجرد انتصار عسكري، بل محطة سياسية وجغرافية أعادت فتح قلب سوريا وربط الشمال بالجنوب، وجعلت مساحات واسعة من الحدود العراقية شرقاً إلى الحدود اللبنانية غرباً تحت سيطرة الفصائل.

معركة “كسر القيود”

في درعا والقنيطرة، انطلقت جبهة مفتوحة بعد سنوات من الهدوء النسبي، تشكلت “غرفة عمليات الجنوب”، وأطلقت معركة “كسر القيود” بهدف الوصول إلى دمشق وإنهاء حكم الاستبداد، وخلال ساعات، سيطر الثوار على جميع المخافر الحدودية مع الأردن، وعلى الجانب السوري من معبر نصيب بعد استسلام قوات النظام هناك، ووسعت سيطرتها لتشمل عشرات الحواجز والثكنات العسكرية مثل اللواء 52 وتل الحارة واللواء 112، وعاد شعار “الشعب يريد إسقاط النظام” إلى ساحات درعا تحديداً، لكن هذه المرة على وقع انهيار فعلي في بنية نظام الأسد، لا مجرد احتجاج رمزي.

كما توسعت السيطرة لتشمل أكثر من أربعين مدينة وبلدة في ريف درعا، بينها نوى، إنخل، المزيريب، طفس، جاسم، وبصر الحرير، ومع حلول المساء، دخلت الفصائل مدينة إزرع للمرة الأولى منذ انطلاق الثورة، وسيطرت على سجنها المركزي مع قرار بالإفراج عن المعتقلين السياسيين، في الوقت نفسه، شهدت قوات النظام موجات انشقاق غير مسبوقة، إذ أعلن عن انشقاق أكثر من 300 عنصر في يوم واحد، ما جعل الجنوب يشكل الخطر الأكبر على دمشق من خاصرتها الجنوبية والغربية.

“فتح دمشق”.. الوجهة النهائية

بالتوازي مع توسع “غرفة عمليات الجنوب”، أعلنت فصائل أخرى تشكيل “غرفة عمليات فتح دمشق”، مؤكدة أن هدفها المباشر هو العاصمة، حيث بدأت عملياتها من محاور درعا والقنيطرة، وسيطرت على بلدات وثكنات بين درعا ودمشق، كما أصدرت عشائر حوران بياناً اعتبرت فيه غرفة العمليات المرجعية الوحيدة للمنطقة، داعية العسكريين إلى الانشقاق مع ضمان سلامتهم.

أكدت معركة “ردع العدوان”، أن السيطرة على حمص ستفتح الباب لمرحلة سياسية جديدة، لا وجود للنظام البائد فيها بأي شكل من الأشكال، ولاسيما مع اكتمال طوق الثوار تقريباً حول دمشق، حيث بدا في هذا اليوم أن “سقوط نظام الأسد” لم يعد احتمالاً سياسياً، بل مساراً عسكرياً متقدماً على الأرض، ينتظر فقط لحظة الدفع الأخيرة من حمص والبوابات الجنوبية للعاصمة.

الوطن

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock