بعد سنوات من التهجير عودة ٣ آلاف أسرة خلال أسبوعين.. مدينة المعرة تنبض بالحياة من جديد

عادت مظاهر الحياة تدريجياً إلى معرة النعمان، مدينة أبي العلاء المعري، بريف إدلب الجنوبي، بعد سنوات من التهجيرالقسري لسكانها على يد النظام البائد، على الرغم من حجم الدمار وشظف عيش العائدين.
وشهدت المدينة وريفها أيضاً في الآونة الأخيرة، عودة لافتة للسكان المهجرين إلى مناطق ومخيمات النزوح في إدلب المحررة، وهي التي نالت الحظ الأوفر من الخراب والدمار على يد النظام الجائر لوقوعها على طريق عام حلب دمشق، قبل تحريرها في كانون الأول الماضي.
وبينت مصادر أهلية في “معرة النعمان” أن الفترة التي تخللت وتلت عطلة عيد الفطر الماضي مطلع الشهر الجاري، اتسمت بحركة لافتة في عودة الأهالي إلى المدينة وأريافها المحيطة بها، مقارنة بالفترة السابقة.
وقدّرت المصادر لـ “الوطن” عودة ٣ آلاف عائلة إلى مدينة أبي العلاء في أول أسبوعين تليا حلول عيد الفطر الفائت، بينما شهدت الفترة التي أعقبت التحرير وحتى عيد الفطر عودة نحو ١٠٠٠ عائلة، فإذا احتسب المعدل الوسطي لعدد أفراد العائلة الواحدة ٥ أشخاص، يعني ذلك أن عدد سكان المدينة ناهز ٤٠ ألف نسمة راهناً.
وأشارت إلى أن عودة الأهالي إلى المدينة، ترافقت بعودة تدريجية لمظاهر الحياة فيها مع تحسّن ملحوظ في الخدمات الأساسية، حيث عادت الكهرباء إلى أحياء عديدة إلى جانب افتتاح عدد من المدارس الحكومية أبوابها مجدداً أمام الطلاب، ما شكّل دافعاً كبيراً للعائلات لاتخاذ خطوات العودة.
ولعل التحدي الأكبر الذي يقف عائقاً أمام رجوع الأهالي للمدينة، التدوير الممنهج للمساكن والمؤسسات الخدمية، وفي مقدمتها عدم وجود شبكات مياه عامة فاعلة حتى الآن، ما يضطر السكان للاعتماد على صهاريج خاصة لنقل المياه إلى الأحياء، بتكلفة تصل إلى 400 ليرة تركية (الليرة الواحدة تعادل نحو ٢٩٨ ليرة سورية)، للصهريج الواحد، وهو مبلغ ليس بالقليل لعدد كبير من الأسر ذات الدخل المحدود.
في الغضون، راحت الأسواق المحلية تنتعش مجدداً، بعدما أعادت محال تجارية افتتاح أبوابها، إلى جانب البسطات الصغيرة وباعة الخضار والأفران، الأمر الذي غذّى شرايين المدينة الاقتصادية التي كانت تعد ثاني أكبر مدينة من حيث عدد السكان في محافظة إدلب بعد مدينة إدلب.
ورصدت “الوطن” على مواقع التواصل الاجتماعي انتشار تسجيلات فيديو عن أرتال سيارات تقل عائدين إلى معرة النعمان وريفها مع متاعهم على الطريق الدولي من سراقب إلى المدينة، وأخرى لمدارس تعليم أساسي تغص بالطلاب.
وأسرّ أحد العائدين من مخيمات شمال إدلب ل “الوطن” أنه نقل معه خيمته ونصبها في أرضه أمام بيته المهدم في قريته الواقعة إلى الشمال من معرة النعمان، في ظل ضعف إمكانات ترميم المنازل المتضررة، ولو بشكل جزئي، بفعل قصف النظام البائد، مع تأخر المنظمات الدولية عن تلبية متطلبات عودة الأهالي إلى قراهم وبلداتهم المحررة حديثاً، على الرغم من الخطط الموضوعة في أدراج تلك المنظمات حيال ذلك.
يذكر أن السلطات المحلية أزالت مخلفات الحرب من المدينة، ورممت بعض البنى التحتية وأمنت خدمات أساسية فيها.
ودعت السكان إلى العودة إلى منازلهم بالتزامن مع إزالة الأنقاض من شوراع المدينة، وبالتوازي مع إعادة تأهيل شبكات الكهرباء والمياه.
كما انطلقت أعمال صندوق معرة النعمان الخدمي بالتعاون بين إدارة المنطقة وتجار المدينة ووجهائها، بهدف تأمين الخدمات الضرورية ودعم مشاريع بنية تحتية مثل الصرف الصحي وإنارة وتجميل الأوتستراد وإصلاح الطريق من بابيلا حتى بسيدا وتجهيز نقاط إنارة داخل الأحياء.
ادلب- خالد زنكلو