بين التجنيد والرقابة.. قراءة في أهداف الاعتقالات الإسرائيلية بريف القنيطرة

تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي، ومنذ الثامن من كانون الأول الماضي اعتداءاتها على جنوب سوريا بعدة أشكال من بينها الاعتقالات التي تقوم بها بحق الأهالي.
وفي ظل استمرار قوات الاحتلال بعمليات الاعتقال بحق أبناء بلدات وقرى محافظات ريف دمشق والقنيطرة ودرعا المحاذية لخط وقف إطلاق النار، تطرح عدة أسئلة منها: لماذا يتم اعتقال هؤلاء؟ وماذا يريد الاحتلال منهم؟ وما الأسئلة التي يوجهها لهم أثناء اعتقالهم؟
وفق معلومات “الوطن”، فقد تجاوز عدد من اعتقلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ الثامن من كانون الأول العام الماضي من أهالي أرياف دمشق الجنوبي الغربي والقنيطرة ودرعا العشرات، أغلبيتهم يعملون في رعي الماشية وعمال عاديون، منهم من أطلقت سراحهم ومنهم من لا يزال قيد الاعتقال.
مصادر محلية، من ريف القنيطرة الأوسط أوضحت لـ”الوطن”، أن قوات الاحتلال اعتقلت أكثر من 10 مواطنين من قرية واحدة، أطلقت سراح 9 منهم بينما لا يزال واحد قيد الاعتقال منذ أكثر من خمسة أشهر.
بينما تتحدث مصادر من قرية أخرى في القطاع نفسه لـ”الوطن”، أن أكثر من 10 مواطنين من أبناء القرية جرى اعتقالهم من قوات الاحتلال، وقد تم إطلاق سراح أغلبيتهم، في حين تتحدث مصادر من بلدة بيت جن بريف دمشق الجنوبي الغربي، أن قوات الاحتلال اعتقلت 10 مواطنين من أهالي البلدة منذ الثامن من كانون الأول العام الماضي، أطلقت سراح 8 منهم في حين لا يزال اثنان قيد الاعتقال.
وبينما ترفض الأغلبية العظمى من المعتقلين الذي تم إطلاق سراحهم التحدث عن مجريات التحقيق معهم من قوات الاحتلال، أو إجراء أي مقابلات مع وسائل الإعلام، خوفاً من تعرض الاحتلال لهم جراء ذلك، تكشف مصادر محلية قريبة منهم أن أكثر ما يركز جنود الاحتلال في عمليات التحقيق مع المعتقلين، على إن كان لديهم “ارتباط مع حزب الله اللبناني والميليشيات الإيرانية”، لافتة إلى أن من يتم الإفراج عنهم لم يجد الاحتلال أدلة على ارتباطهم بـ”الحزب” وتلك الميليشيات، علما أن مسلحي “الحزب” وتلك “الميليشيات” جرى طردهم من الأراضي السورية منذ الأيام الأولى للتحرير في الثامن من كانون الأول الماضي.
مصادر محلية أخرى، لم تستبعد قيام قوات الاحتلال أثناء فترة اعتقال هؤلاء بمحاولات لتجنيدهم لمصلحتها، لكنها في الوقت ذاته رجحت عدم استجابة المعتقلين لتلك المحاولات، بيد أنها ألمحت إلى احتمال استجابة البعض من “ضعاف النفوس”.
وبينما تشير المصادر إلى أن بعض المعتقلين ممن أفرجت عنهم قوات الاحتلال، باتوا يفضلون عدم الاختلاط بالعامة، توخياً للحذر من طرح أسئلة محرجة عليهم تتعلق بفترة اعتقالهم وتعرضهم للخطر من الاحتلال، تلفت إلى أن بعض العامة باتوا يفضلون عدم الاختلاط بهم خوفاً من أن تكون قوات الاحتلال جندتهم لمصالحها.
لكن مصادر في ريف القنيطرة الأوسط، ترى أن قوات الاحتلال لا تحتاج إلى تجنيد عملاء لها لأن “لديها معلومات واسعة عن الأهالي في البلدات والقرى المحاذية لخط وقف إطلاق النار، وتقول “يعرفون المنازل ومن يقطن بها، ويعرفون حتى الأرقام الوطنية للأشخاص”.
يذكر أن أهالي بلدة بيت جن بريف دمشق الجنوبي الغربي تصدوا أواخر تشرين الثاني الماضي لقوات الاحتلال أثناء توغلها في بلدتهم، ما أدى إلى سقوط 13 شهيداً من أبناء البلدة، بينما أصيب 6 عسكريين إسرائيليين بينهم 3 ضباط، كما أقر جيش الاحتلال.
كما تصدى أهالي بلدة كويا في ريف درعا الغربي، والواقعة في منطقة إستراتيجية على مثلث الحدود الأردنية السورية والجولان المحتل، في آذار الماضي لدوريات إسرائيلية التي قامت بمحاولة التوغل داخل البلدة، ما أدى إلى استشهاد 7 مواطنين وإصابة آخرين جراء قصف إسرائيلي مكثف على البلدة.
ويرفض الأهالي في البلدات والقرى والمزارع المحاذية لخط وقف إطلاق النار محاولات الاحتلال لجذبهم لمصلحتها، حيث أحرقوا عدة مرات مساعدات إنسانية وإغاثية وزعتها قوات الاحتلال عليهم.
واحتلت إسرائيل هضبة الجولان السورية، التي تبعد نحو 60 كيلومتراً جنوب غربي دمشق، إثر عدوان حزيران عام 1967. وظلت تلك الجبهة هادئة طوال سنوات حكم الأسدين الأب والابن بعد توقيع سوريا وإسرائيل اتفاقية «فصل القوات» عام 1974 في أعقاب حرب تشرين الأول عام 1973، حيث أبقت إسرائيل بموجبها على احتلالها لثلثي أراضي الهضبة التي تقدَّر مساحتها الإجمالية بـ1860 كيلومتراً مربعاً.
ومنذ اليوم الأول لإسقاط نظام بشار الأسد قبل أكثر من عام، خرقت إسرائيل اتفاق «فصل القوات»، وبدأت بتصعيد عسكري غير مسبوق، احتلت خلاله أراضي جديدة في محافظتي القنيطرة ودرعا.
ويؤكد مسؤولون سوريون أن إسرائيل نفَّذت أكثر من ألف غارة جوية على سوريا، وأكثر من 400 عملية توغل برية نحو المحافظات الجنوبية، منذ كانون الأول العام الماضي، بينما تذكر تقارير أنها احتلت من الأراضي السورية منذ اليوم الأول للتحرير أكثر 460 كيلومتراً مربعاً، أنشأت فيها 9 قواعد عسكرية ونقاط مراقبة وتفتيش، إضافةً إلى احتلالها المرصد السوري في جبل الشيخ.
الوطن