اقتصادالعناوين الرئيسية

بين حلب وحمص.. خيوط الحرير تحكي قصة ترميم الأسواق القديمة

“بأهلا وسهلا. تفضلوا”… اسمع هذه الجملة باللهجة الحمصية المحببة لكثر الضم فيها، وهنا الضم بالتشكيل، وبالحنية في القول، والابتسامة والطيبة التي يطالعك بها أهل حمص، رغم الكثير من الدمار والخراب الذي مرَّ على حجارة هذه المدينة خلال الحرب، لكنها فشلت في سرقة رونقها الساحر، حيث يجيب شرطي المرور الظريف فريق “جريدة الوطن” “ليه من شو بتشكي الساعة اللي بأيدي”، عند سؤاله عن كيفية الوصول إلى السَّاعة القديمة.

توجه الفريق إلى الساعة القديمة كبوصلة للوصول إلى أسواق مدينة حمص التراثية، فخلال الحرب تعرضت الكثير من المدن الأثرية ومنشئاتها للدمار، كما تم تدمير العديد من المباني التاريخية والأسواق التراثية في مدينة حمص القديمة، هذه المدينة هي إحدى المدن السورية الأثرية المُصنفة كتراث ثقافي، والتي عانت من ويلات الحرب التي دفعت العديد من سكانها إلى ترك بيوتهم، وكبار تجارها إلى إغلاق محالهم، وصغار الكسبة إلى مواجهة التحديات الاقتصادية لوحدهم بعيداً عن السوق الذي بدأوا حياتهم العملية فيه.

ومع مطلع عام 2016 بدأت أعمال ترميم الأسواق القديمة، لكنها توقفت عام 2019 بعد تنفيذ جزء كبير من عمليات ترحيل الأنقاض، وترميم 36% من محال الأسواق الخمسة عشر التي تمتد على مساحة 45 ألف متر مربع، وتضم حوالي ألف محل تجاري، جزء غير قليلٍ منها ما زال مهدَّماً أو متضرراً أو غير جاهز للعمل، وما زالت الأسواق تعاني من عودة خجولة لتجارها، وسكانها، وبالتالي للحياة الاجتماعية الحيوية التي عرفت بها، والحركة النشطة لتجارتها، والذي لا يأتي دون العمل وفق استراتيجيات تستهدف إعادة إحياء هذه الأسواق التراثية بمكوناتها الاجتماعية والاقتصادية والتنموية.

وفي هذا الإطار تدخل الأمانة السورية للتنمية أسواق حمص التراثية بعد أسابيع من العمل الميداني المشترك مع محافظة حمص ومجلس مدينة حمص وغرفة تجارتها وغرفة صناعتها والفعاليات الاقتصادية بحمص ولجنة الأسواق ومديرية الآثار وخبراء مختصين، حيث استعرض المدير التنفيذي في الأمانة شادي الإلشي خلال ورشة عمل ضمّت جهات حكومية وأهلية ولجنة الأسواق التراثية يوم الخميس الفائت، نتائج مسح دقيق للوضع الراهن لجميع الأسواق التراثية ومحالّها، كمنطلق لاستكمال خطط الترميم والتنمية التي ستطال الأسواقَ الخمسة عشر بشكل تتابعي، وفق ما توافق عليه جميع المعنيين خلال الورشة، فإن العمل على ترميم أسواق مدينة حمص القديمة التراثية، سيبدأ انطلاقاً من أكبر محاور تلك الأسواق وهو محور سوق الصاغة بـ 136 محلّ، وخان القيصرية، وهو الخان الوحيد في المدينة القديمة، إضافة إلى سوق المعرض المعروف شعبياً باسم “العطارين” وسط المدينة القديمة، كما تم أيضاً تحديد الاحتياجات وآليات العمل.

الشيء بالشيء يُذكر، تجربة الأمانة السورية للتنمية مازالت مستمرة وجارية في الأسواق التراثية بمدينة حلب القديمة، في ترميم تلك الأسواق خطوةً تلو أخرى، وسوقاً بعد سوق. وهنا في حمص تتطلبُ حالةُ الأسواق القديمة جهودَ الأمانة السورية للتنمية ومنهج عملها الذي يقوم على المشاركة الحقيقية مع كل الجهات الرسمية والمدنية.

خاص الوطن ـ حمص

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock