اقتصادالعناوين الرئيسية

تصدير النفط السوري… بوابة التعافي الاقتصادي

في ظل الجهود الرامية إلى تحريك عجلة الاقتصاد السوري بعد سنوات من الحرب، يرى أستاذ الاقتصاد في جامعة حلب الدكتور عبد الحميد صباغ أن استئناف تصدير النفط الخام يُعدّ أبرز التطورات الاقتصادية التي يمكن أن تشكل مُحفّزاً أساسياً لتعافي الاقتصاد السوري، سواء على الصعيد الداخلي أم الخارجي.

ونوه بأن لهذه الخطوة انعكاسات متعددة تبدأ من دعم المالية العامة ولا تنتهي عند تعزيز بيئة الاستثمار.

فعلى الصعيد الداخلي، أوضح  صباغ أن تصدير النفط الخام سيسهم بشكل مباشر في تحسين الإيرادات الحكومية من النقد الأجنبي، الأمر الذي من شأنه أن يساعد في تمويل الواردات الأساسية مثل القمح، الدواء، المواد اللازمة لإعادة الإعمار، والمواد الخام الضرورية للصناعة والإنتاج المحلي.

منوهاً بأن هذا التحسن في الإيرادات سيُسهم بدوره في تقليص العجز في الميزان التجاري والموازنة العامة، مما قد ينعكس بشكل إيجابي على سعر صرف الليرة السورية واستقرارها.

وأشار أيضاً إلى أن جزءاً من العائدات النفطية من المُتوّقع أن يُخصّص لإعادة بناء البنية التحتية المتضررة، وفي مقدمتها شبكات الطرق والكهرباء والمياه، ما سينعكس إيجاباً على مختلف القطاعات الاقتصادية، ويُعيد تحفيز عجلة النمو في الاقتصاد الوطني.

وفيما يتعلق بتأثير تصدير النفط في الاستثمار المحلي، أكد صباغ أن تدفُّق النقد الأجنبي سيُسهم في تحسين السيولة داخل القطاع المصرفي، مما يعزّز من قدرة البنوك المحلية على تمويل الاستثمارات، وخاصة ما يتعلق منها بشراء الآلات والمُعدات وقطع الغيار والمواد الأولية.

وأضاف: إن هذا من شأنه أن يُحفّز المستثمرين المحليين ويُوسّع من نشاطهم الإنتاجي، وبالتالي يسهم في تنشيط الاقتصاد الوطني.

كما لفت إلى أن العائدات النفطية، في حال تمت إدارتها بحكمة وكفاءة، يمكن أن تُسهم في خفض معدلات التضخم أو على الأقل كبح جماحه، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على القوة الشرائية للمواطن السوري ويُخفّف من الضغوط المعيشية. ولفت إلى أن قطاع النفط بحد ذاته، إلى جانب قطاع النقل المرتبط به، سيشهد زيادة في فرص العمل نتيجة النشاط المتنامي المرتبط بالتصدير، مما يعني تحسناً نسبياً في سوق العمل المحلي.

أما على الصعيد الخارجي، فقد أشار صباغ إلى أن تصدير النفط الخام يرسل إشارات مهمة للمستثمرين الأجانب بأن الحكومة السورية قد استعادت السيطرة على المناطق النفطية، وهو ما يعزّز الشعور بالاستقرار الأمني ويزيد من ثقة المستثمرين الراغبين في دخول السوق السورية.

وأوضح أن هذا التطور لا يقتصر فقط على قطاع النفط، بل يفتح المجال لفرص استثمارية أوسع في قطاعات أخرى، نتيجة تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي وعودة النشاط الاقتصادي بشكل تدريجي.

كما أن تصدير النفط سيُسهم في تعزيز التعاملات المالية الدولية، من خلال فتح  قنوات جديدة مع دول أخرى، مما يسهّل حركة رؤوس الأموال ويُشجّع تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

وأشار إلى أن من ضمن الآثار الإيجابية المرجوة أيضاً تحفيز المستثمرين الأجانب للدخول في استثمارات مباشرة بقطاع النفط نفسه، سواء في مجالات الاستخراج أم النقل أو البنية التحتية المرتبطة به.

وشدد أستاذ الاقتصاد على أن هذه الانعكاسات الإيجابية مرهونة بمدى قدرة الحكومة السورية على خلق مناخ استثماري شفّاف وجاذب، من خلال تحسين البيئة الإدارية، وتطوير الإطار القانوني، بما يضمن حماية الملكية الخاصة بشكل قاطع، وتسهيل حركة رؤوس الأموال الأجنبية وعائداتها.

وختم حديثه بالتأكيد على أن تصدير النفط ليس مجرد نشاط اقتصادي محدود، بل هو مدخل رئيس لإعادة بناء الاقتصاد الوطني، شريطة أن يُدار بعقلانية اقتصادية وإصلاحات شاملة، من شأنها أن تفتح الطريق أمام سوريا للدخول في مرحلة جديدة من التعافي والاستقرار الاقتصادي.

محمد راكان مصطفى

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock