تفجير الجامع في حمص.. استهداف مكشوف لوحدة السوريين ومسار الاستقرار

شكّل التفجير الإرهابي الذي استهدف مسجد الإمام علي بن أبي طالب في حي وادي الذهب بمدينة حمص أمس، أثناء صلاة الجمعة، وأسفر عن ارتقاء ثمانية شهداء وإصابة ثمانية عشر آخرين، صدمة وطنية جديدة، ليس لبشاعة الجريمة واستهدافها المصلين في بيتٍ من بيوت الله فقط، بل لما تحمله من دلالات عميقة تتجاوز الحدث الأمني إلى محاولة مكشوفة لضرب الاستقرار الداخلي والوفاق الوطني الذي بدأت ملامحه تتكرس في سوريا الجديدة.
إذ يمثل استهداف دُور العبادة اعتداءً صارخاً على القيم الدينية والإنسانية، ويكشف في الوقت ذاته إفلاس الأدوات الإرهابية التي لم تجد سوى الدم وسيلةً للتعبير عن فشلها السياسي والأخلاقي، فالمشهد ليس معزولاً عن سياق أوسع من المحاولات اليائسة لزعزعة الأمن وبثّ الفتنة بين السوريين، عبر اللعب على وتر الطائفية وضرب النسيج الوطني، في لحظةٍ تشهد فيها البلاد تقدماً ملحوظاً على طريق الاستقرار وإعادة الإعمار، واستعادة الحضور الإقليمي والدولي.
واللافت في هذا الاعتداء، أنه يأتي بعد نجاحات أمنية ووقائية مهمة، وبعد احتفالات وطنية واسعة جرت بأمان، ما يؤكد أن الهدف ليس سوى التشويش على هذه النجاحات، وإيصال رسالة فوضى مفادها أن الاستقرار مازال مستهدفاً.. هنا تتقاطع مصالح أطراف متعددة، من تنظيم داعش، إلى فلول النظام البائد، مروراً بقوى انفصالية وميليشيات خارجة عن القانون، وهي أطراف يجمعها قاسم مشترك واحد: العداء لسوريا الموحدة المستقرة.
وليس خافياً أن أغلب هذه الأدوات على اختلاف مسمياتها، تتحرك ضمن مظلة دعم وتخادم تقودها إسرائيل، التي ترى في تعافي سوريا وإعادة بنائها وتثبيت دورها الإقليمي تهديداً مباشراً لمشاريعها في المنطقة، فكلما تقدمت سوريا خطوة في مسار الاستقرار، سعت هذه الجهات إلى الرد بعمل إرهابي أو تحريضي، في محاولة لإعادة عقارب الساعة إلى زمن الفوضى.
غير أن الرسالة الأهم جاءت من الشارع السوري نفسه، ومن مشاهد التشييع والوحدة الشعبية في حمص، حيث أثبت السوريون مجدداً أن دماء الأبرياء لن تكون وقود فتنة، بل هي حافز إضافي للتماسك والالتفاف حول الدولة ومؤسساتها، فلا مستقبل لسوريا إلا بالمضي قدماً في طريق الاستقرار، والوقوف صفاً واحداً في مواجهة دعاة الكراهية، مهما تعددت أسماؤهم وتبدّلت عباءاتهم.
الوطن