مقالات وآراء

تلفيق التهم بنية خبيثة… الهيمنة لن تجد صدى

بقلم: السفير الصيني في سورية فيانغ بياو

قرأت مؤخراً مقالة للصحفيين الأميركيين غاريث بورتر(Gareth Porter) وماكس بلومنتال (Max Blumenthal)، نشرت في 18 من شباط الفائت بموقع «المنطقة الرمادية» (The Grey Zone)، وهو موقع أميركي للمقالات والتقارير عن التحقيقات الاستقصائية.

كذّبت المقالة الاتهامات الباطلة التي توجهها إدارتا دونالد ترامب وجو بايدن للصين بالإبادة العرقية في شينجيانغ، لكن لدي بعض الملاحظات بعد القراءة:

أولاً، ستبقى الحقيقة حقيقة، والورقة لن تستر الحريق.

ثانياً، سيبقى الكذب كذباً، ولن يدوم أمام اختبار الوقت.

ثالثاً، لن تنجح الإدارة الأميركية في استغلال شينجيانغ لتشويه صورة الصين ومضايقتها، بل ستُفضح بتصرفاتها المهيمنة.

رابعاً، رغم أن الإدارة الأميركية توجه أصابع الاتهام هنا وهناك، سيقف أصحاب الضمير الحي ويكشفون الحقائق في يوم من الأيام.

المقالة الأميركية أشارت إلى أن إدارتي دونالد ترامب وجو بايدن وجهتا اتهام الإبادة العرقية في شينجيانغ، بالاعتماد فقط على تقرير للأكاديمي أدريان زينز(Adrian Zenz) في حزيران عام 2020، وهو تقرير مملوء بالمعلومات الكاذبة.

يعد أدريان زينز أصولياً يمينياً، ومعروفاً بموقفه المعادي للصين، وفي الوقت نفسه، رفضه لمثليي الجنس، وحقوق المرأة والمساواة بين الجنسين، وكانت مقالته عن شينجيانغ مملوءة بالمعلومات الكاذبة التي تتنافى تماماً مع الحقائق.

في الحقيقة، إن المعلومات الكاذبة في المقالة تتضارب مع بعضها بعضاً حتى لا داعي للدحض ومضحك للغاية. وهنا أضرب لكم مثليْن فقط: أولاً، ادعى أدريان زينز بأن الصين تقوم بـ«الإبادة العرقية» خلال سياسة الطفل الواحد، حيث اتخذت الإجراءات للحد من النمو الديمغرافي لقومية الويغور، كما اقتبس «اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها»، في محاولة لتصنيف السياسة الصينية كالإبادة العرقية، غير أن «الاتفاقية» تنص بوضوح أن الإجراءات المتخذة لمجرد الحد من النمو الديمغرافي لا تُصنّف كـ«الإبادة العرقية»، إلا إذا كانت هذه الإجراءات مقرونة بالنية المقصودة لإبادة عرق أو قومية معينة بشكل كلي أو جزئي».

من المعروف أن الصين أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، وللحد من النمو الديمغرافي السريع، بدأت الحكومة الصينية تطبيق سياسة تنظيم الأسرة في عام 1982، أي لكل عائلة طفل واحد.

لا تختلف هذه السياسة في طبيعتها عن السياسة المشجعة للإنجاب التي تتخذها الدول ذات الكثافة السكانية المنخفضة، إذ يهدف كلاهما لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال تغيير عدد السكان.

في الوقت نفسه، تستهدف سياسة الطفل الواحد في الصين بشكل أساسي قومية هان التي تشكل 92% من عدد السكان، وفي المقابل، تتمتع قومية الإيغور وغيرها من الأقليات القومية التي تشكل 8% من عدد السكان ببعض المرونة في هذا المجال. لذلك، يكون معدل النمو الديمغرافي لقومية الويغور أعلى بكثير من المعدل في عموم الصين. في الفترة بين عامي 2010 و2018، ازداد عدد السكان لقومية الويغور من 10.1715 ملايين إلى 12.7184 مليوناً بزيادة قدرها 25.04%، وهي أعلى بكثير من معدل النمو الديمغرافي للقوميات الأخرى في شينجيانغ البالغ 13.99%، ناهيك عن المعدل لقومية هان البالغ 2% فقط. ثانياً، تعمّد أدريان زينز تحريف الحقائق من خلال ربط التأمين الصحي المجاني للحكومة الصينية بـ«الإبادة العرقية».

في عام 2017، أعلنت اللجنة الصينية الوطنية للصحة عن استثمار 5.2 مليارات دولار في شينجيانغ لتطوير القطاع الصحي، وفقاً لإحصاءات الحكومة الصينية، لغاية عام 2018، انخفض معدل وفيات الأمومة والرضيع في شينجيانغ إلى النصف.

في هذا السياق، وصف تقرير في مجلة «ذا لانسيت» في عام 2019 ما أنجزته الصين في مجال تحسين صحة الأمومة وتخفيض معدل وفيات الرضيع بـ«النجاح العظيم»، غير أن أدريان زينز تغاضى عن هذه الأرقام، بل وصف الإجراءات لتحسين خدمة الصحة العامة في شينجيانغ بالأدلة للإبادة العرقية الجارية، حيث نشر صورة لعجوزين في ريف شينجيانغ، وهما في طور الفصح الطبي، واتخذها كدليل لسياسة الصين للحد من النمو الديمغرافي، لكن في الحقيقة، اُلتقطت الصورة عندما ذهب طاقم طبي إلى أرياف شينجيانغ لتقديم الخدمات الطبية المجانية للسكان المحليين.

توجد ثغرات مماثلة كثيرة في مقالة أدريان زينز، ولن أذكرها واحدة واحدة.

تعكس الأدلة المذكورة أن تقرير أدريان زينز مملوء بالمعلومات الكاذبة والتلاعب بالحقائق، غير أن الإدارة الأميركية اتخذته كالمرجعية الوحيدة لاتهام الصين بـ«الإبادة العرقية» في شينجيانغ، وهو أمر سخيف للغاية، ويكشف محاولة الإدارة الأميركية للجوء إلى كل سبل متاح لتشويه صورة الصين، حتى تضرب بالحقائق والأخلاق عرض الحائط. في الحقيقة، تحتضن الصين 56 قومية، وتعتبر كل منها عضواً لا غنى عنها للأمة الصينية، وتلتزم دائماً بسياسة المساواة بين جميع القوميات وحرية المعتقدات الدينية، وتدعو إلى الوحدة بين القوميات كافة مثل بذور الرمان وتضافر الجهود لتحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية وتقاسم ثمار التنمية من خلال التشاور والتعاون.

للحفاظ على الاستقرار والتنمية في شينجيانغ، اتخذت الحكومة الصينية الإجراءات الاحترازية لمكافحة الإرهاب ونزع التطرف وفقاً للقانون، وحققت نتائج ملموسة، وفي السنوات الأربع الماضية، لم تشهد شينجيانغ أي عمل إرهابي، بل تتمتع بالاستقرار الاجتماعي، على حين تقوم شينجيانغ بضرب أعمال العنف والإرهاب بقبضة من الحديد وفقاً للقانون، وتهتم كثيراً بضمان الحقوق السياسية وحرية المعتقدات الدينية والحقوق الثقافية لجميع القوميات.

في السنوات الأخيرة، حققت شينجيانغ إنجازات غير مسبوقة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحسين معيشة الشعب. في الفترة بين عامي 2014 و2019، ازداد إجمالي الناتج المحلي في منطقة شينجيانغ بمعدل 7.2% سنوياً، وهذا الرقم أعلى من معدل البلد كله، وفي عام 2020، ازداد إجمالي الناتج المحلي في شينجيانغ بمعدل 3.4% في ظل تداعيات فيروس كورونا، وهو أعلى من معدل البلد بـ1.1%.

كما حققت شينجيانغ التغطية التامة للتعليم الإلزامي المجاني لمدة تسع السنوات والفحص الطبي المجاني للجميع، وحققت إنجازات حاسمة في مكافحة الفقر، حيث انتشلت جميع الفقراء، البالغ عددهم 3.089 مليوناً وفقاً للمعايير الحالية، من الفقر، وأخرجت 3666 قرية فقيرة و32 محافظة فقيرة في أنحاء شينجيانغ من حالة الفقر، وتم ربط جميع المدن في شينجيانغ بـ21 مطاراً مدنياً وطرق سريعة، وأصبحت 99.74% من القرى مربوطة بالطرق المعبدة، وبلغت طول السكة الحديدية فيها 5959 كيلومتراً، وسجل عدد السياح الصينيين والأجانب إلى شينجيانغ أرقاماً قياسية، حتى بلغ 230 مليون نسمة في عام 2019 بزيادة 41.96% على أساس سنوي.

ليس للإدارة الأميركية أي مبدأ، حيث تعاضت عن وقائع التنمية الاقتصادية والاجتماعية السريعة في شينجيانغ، وافتعلت ما يسمى «الإبادة العرقية»، الأمر الذي كشف مجدداً عن نيتها الخبيثة للتدخل الغاشم في الشؤون الداخلية الصينية وإفساد الاستقرار والتنمية في شينجيانغ باستغلال الملفات المتعلقة بشينجيانغ، وذلك لا يختلف عما فعلته لاحتلال الأراضي السورية والتدخل في شؤونها الداخلية وفرض عليها العقوبات الأحادية الجانب وغيرها من الممارسات المتنمرة.

في هذا السياق، تحرص الصين على الوقف كالمعتاد مع سورية وغيرها من الدول المشرفة للتصدي للهيمنة الأميركية، وحثها على نبذ المعايير المزدوجة والكف عن احتواء وردع الدول الأخرى بذرائع العرق والدين والديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، واحترام جهود الدول الأخرى للحفاظ على السيادة والاستقلال وسلامة الأراضي والوحدة الوطنية.

يمكنكم الاطلاع على المقالة المذكورة بالعنوان هنا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock