اقتصاد

تمويل 44 صنفاً بدولار الـ700 ليرة.. واحتياجات “السورية للتجارة” بـ436

علمت «الوطن» من مصادر حكومية مسؤولة بأن اجتماعات مكثّفة عقدت خلال الأسبوع الماضي مع الصناعيين والتجار في وزارة الاقتصاد والمصرف المركزي ومجلس الوزراء، بهدف الوصول

إلى حلول عملية لتأمين انسياب المواد إلى الأسواق المحلية، والتوسع في التصدير، ولا سيما أن السوق يعاني من ركود، اشتد خلال الفترة الأخيرة، وبالتالي انخفض مستوى توافر بعض المواد في الأسواق، ووصفت النقاشات التي جرت بأنها موضوعية وشفّافة.

وعزت المصادر أسباب اشتداد حالة الركود وانخفاض توافر المواد لعدة أسباب، أبرزها نشاط حركة التهريب المعاكس، للمواد الغذائية بصورة رئيسة، من سورية إلى لبنان، الذي يشهد أزمة مالية- اقتصادية مؤخراً، إضافة إلى إغلاق بعض التجار لمستودعاتهم، رغم توافر المواد فيها، نظراً لتقلبات سعر الصرف، بحجة تجنب الخسارة، في حين يخفّض تجار آخرون تعاملاتهم وتغذية السوق بما يحتاجه من مواد، ريثما تتضح الرؤية الخاصة باتجاه سعر الصرف، ومعه الأسعار في السوق.
من جهتهم، بين مستوردون أن السبب الرئيس في انخفاض توافر بعض المواد، والمتوقع أن يظهر بشكل واضح بعد فترة، في حال استمر الوضع على ما هو عليه؛ يرتبط بعدم إصدار تعليمات تنفيذية واضحة للمرسومين التشريعيين 3 و4 الذين شدّدا عقوبة التعامل بغير الليرة كوسيلة للمدفوعات، وخاصة ما يتعلق بعمليات التجارة الخارجية، من استيراد وتصدير، فلا المستورد قادر على التحرك لتأمين قيمة صفقاته الواجب سدادها للمورّد الخارجي، للمواد التي لا تموّلها المصارف بموجب القائمة الأخيرة التي صدّرها مصرف سورية المركزي وتضم 10 أصناف مواد فقط، ولا المصدّر قادر على إدخال قيمة بضاعته التي باعها في الأسواق الخارجية.
وبحسب تجار تحدثت إليهم «الوطن»، فإن هذا هو السبب الرئيس الذي دفع العديد منهم للتوقف عن الاستيراد والتصدير في الوقت الراهن، محذرين من استمرار الوضع على ما هو عليه، إذ قد تشهد الأسواق قلة في توافر العديد من المواد، باستثناء القائمة التي تمولها المصارف، وسوف تتوقف العديد من المنشآت الصناعية عن العمل والتصدير.
وعلمت «الوطن» أن الاجتماعات بين الحكومة ومصرف سورية المركزي مع الصناعيين والتجار توصلت إلى تحديد لائحة تضم 44 صنفاً سوف يسمح باستيرادها بالسعر التفضيلي (700 ليرة سورية حالياً) على أن يتمولوا من شركات الصرافة المعتمدة.
وبحسب المصادر الحكومية المسؤولة، فإن هذه القائمة، المفترض إقرارها هذا الأسبوع، قد تمثل العودة إلى القائمة القديمة، التي كان معمولاً بها قبل منتصف أيلول من العام الماضي (2019)، قبل أن يتم تقليصها إلى 20 بنداً.
وتشمل قائمة الـ44 صنفاً، المواد الأساسية، إضافة للعديد من المواد التي يحتاجها السوق، وبشكل خاص المواد الأولية ومستلزمات الإنتاج، علماً أنه تحت أي بند أو صنف باسم مواد أولية؛ تندرج عشرات المواد المسموح باستيرادها، وبالتالي فإن القائمة تضم عملياً عدداً أكبر بكثير من 44 مادة.
وكشفت المصادر أن خطوات معالجة الأمر تجري على شرائح، إحداها فقط العودة إلى القائمة القديمة الموسّعة المسموح تمويلها عبر المصارف، بسعر الصرف التفضيلي، في حين سيتم ضمان انسياب المواد الأساسية لتلبية احتياجات المؤسسة السورية للتجارة.
وسوف تتعاقد مؤسستا السورية للتجارة والتجارة الخارجية مع موردين لتأمين المواد الأساسية التي تحتاجها «السورية للتجارة»، بحيث تتم معاملة هذه العقود معاملة خاصة، إذ سيتم تمويلها بسعر صرف خاص، غير التفضيلي، وغالباً ما سيكون سعر الصرف الرسمي المعلن من المصرف المركزي (وهو بحدود 436 ليرة حتى تاريخه).
إذاً، من الممكن أن تكون هناك قائمتان عملياً، واحدة تتضمن المواد اللازمة لتلبية احتياج «السورية للتجارة» حصراً، سوف تموّل بسعر الصرف الرسمي، والثانية تصل إلى 44 بنداً بشكل إجمالي، لتلبية احتياجات السوق، سوف تمول بسعر الصرف التفضيلي.
وبحسب ما علمت به «الوطن» هناك قرار سوف يصدر قريباً بإعفاء مستوردي المواد الأساسية مثل السكر والرز والشاي والطون والسردين والمتة وحليب الأطفال والزيوت والسمون الخامية، من مؤونة الاستيراد البالغة 25 بالمئة من قيمة إجازة الاستيراد، وسوف يكتفى بمؤونة 15 بالمئة فقط لحين تنفيذ الإجازة، وذلك لتسهيل انسياب هذه المواد التي تستورد بكميات كبيرة، وهذا عامل داعم إضافي للمستوردين.
وبحسب مصادر حضرت الاجتماع، فإن الصناعيين حصلوا أيضاً على تمويل للمواد الأولية الداخلة في صناعاتهم برسم جمركي 1 بالمئة، مع إلغاء كل الرسوم التي كانت تضاف إلى هذا الرسم، الأمر الذي كانوا يطالبون به منذ سنتين، وبحسب مصادر حكومية فإنه بفعل الإضافات تصل الرسوم الإجمالية على استيراد المواد الأولية إلى 7 أو 8 بالمئة أحياناً.
ومن المتوقع إقرار قائمة الـ44 بنداً في اللجنة الاقتصادية التي ستجتمع غداً الاثنين، مع الإشارة إلى أن المصدرين حصلوا أيضاً على سعر 805 ليرات لصادراتهم.
وعلّق رئيس اتحاد غرف الصناعة فارس الشهابي في نهاية الاجتماعات قائلاً: أعتقد هذه المرة أن الحكومة جادة في دعم الصناعات وتحديداً الصغيرة والمتوسطة، معرباً عن تفاؤله في المرحلة القادمة.
وأعربت مصادر اقتصادية عن إمكانية انفراجات في الأسواق في حال تبني هذه القرارات، لكنها في الوقت ذاته طرحت أسئلة حول ما يسمى بـ«المواد الأولية الداخلة في الإنتاج» وكيف يمكن ضبط الكميات التي يتم استيرادها مع ما تنتجه المعامل، كي لا نقع مجدداً في مصيدة بعض الصناعيين الذين كانوا يستوردون مواد أولية بكميات كبيرة يخصصون جزءاً منها للإنتاج والباقي لإغراق الأسواق!

أسئلة ملحّة

من الأسئلة المطروحة حالياً: ما عمولة شركات الصيرفة لتحويل الأموال إلى الخارج؟ وكيف سيتم ضبط هذه العملية؟ وكيف ستنعكس هذه القرارات على أسعار المواد الاستهلاكية المصنعة محلياً أو التي سوف يسمح باستيرادها إذا أضفنا العمولات التي تتقاضاها المصارف وشركات الصيرفة تجاه تمويل المستوردات وتحويل الأموال؟.

قائمة الـ44

حدّد تعميم المصرف المركزي رقم (1804/8) بتاريخ 29/4/2019 مجموعة من المواد يبلغ عددها 41، للالتزام بتمويلها من المصارف، وتشتمل على: الأخشاب، الأرز، الأسمدة والمبيدات الزراعية ومستلزمات الإنتاج، الخميرة، الخيوط ومستلزمات صناعة الألبسة عدا الأقمشة، الزيوت النباتية الخامية فيما عدا زيت الزيتون، السردين والتونة، السكر الأبيض المكرر، السكر الخام، السمسم، الشاي، الفحم الحجري، مستلزمات صناعة الحقائب والأحذية عدا الجلود، نشاء البطاطا، القمح، اللقاحات والمستحضرات البيطرية، المتة، المتممات العلفية، المستلزمات والتجهيزات الطبية، المعدات والكواشف المخبرية، أبقار حلوب، أحبار، أدوية بشرية وبيطرية، أنابيب طاقة شمسية ومستلزماتها، بذار زراعية، بذور فول الصويا، مواد أولية للصناعات الدوائية، نشاء ذرة، بن غير محمص، حبيبات بلاستيكية، حليب الأطفال الرضع، ذرة صفراء علفية، زيت الأساس، شعير علفي، صفائح الحديد ولفائف الحديد، بيض الفقس وصيصان الفروج وجدات وأمهات، قطع التبديل المعدات وسائل الإنتاج أو النقل، كسبة فول الصويا، محضرات تغذية للأطفال (سيريلاك)، مذيبات ومخففات (تينر) عضوية مركبة، وأخيراً المولاس.
وصدر تعميم آخر بعد شهر من صدور ذلك التعميم، أضاف إلى تلك القائمة تمويل إجازات وموافقات الاستيراد للمستوردين على عقودهم الموقعة مع جهات القطاع العام لتوريد مواد لمصلحة هذه الجهات، وجميع المواد الأولية أو مستلزمات الإنتاج (الصناعي-الزراعي) غير المدرجة في القائمة الواردة بالتعميم رقم 1804 والتعميم 1884، شريطة قيام المستورد عند طلبه التمويل بإرفاق كتاب صادر عن مديرية (الصناعة-الزراعة) حسب الحال يفيد بأن المواد التي يطلب تمويلها بموجب إجازة/موافقة الاستيراد والفواتير المقدمة تبعاً لها هي مواد أولية أو مستلزمات إنتاج (صناعي-زراعي)، إضافة إلى مستوردات التشغيل اللازمة لشركات الاتصالات الخاصة، شريطة قيام المستورد عند طلب التمويل بإرفاق كتاب صادر عن وزارة الاتصالات والتقانة يثبت أن المواد التي يطلب تمويلها هي مستلزمات تشغيل.

علي نزار الآغا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock