تناول أثر المثقف في إعادة صياغة السردية الوطنية في ثالث أيام “ملتقى الكتّاب السوريين”

ضمن فعاليات اليوم الثالث من “ملتقى الكتّاب السوريين”، الذي تقيمه وزارة الثقافة بالتعاون مع اتحاد الكتّاب العرب في المكتبة الوطنية بدمشق، عُقدت ندوة بعنوان “أثر الكاتب السياسي في المهجر بين الثورة والدولة”، شارك فيها كل من أحمد قربي، وحذيفة عكاش، وعباس شريفة، وأحمد زيدان، الذي استهل الحوار بالإشارة إلى أن أي مواطن يمكنه كتابة المسودة الأولى للتاريخ، الذي يُكتب عادةً من السلطات، وهي من تقرر شكله.
وقال: “لا توجد ثورة في التاريخ، وُثّقت بشتى الوسائل كما الثورة السورية، ولعل الجهود التي بُذلت في ذلك كانت ثمينة، إذ شكّلت مادة مهمة للمؤرخين لتفسير ما جرى خلال هذه السنين”.
واقترح تفعيل ما يسمى “الأرشيف الثوري”، ليسجل كل فرد ما حصل معه يوماً ما، ليكون مرجعاً تستنير وتستدل به الأجيال والباحثون القادمون، لفهم ظروف المقاومة، والمواجهة، والصبر، والنصر، موضحاً أن مليون شهيد رقم كبير، وأن استخدام أسلحة دمار شامل في مواجهة أي شعب من شأنه أن يفضي عادةً إلى استسلامه وانهزامه، لكن الشعب السوري كان عصياً على ذلك”.
أما عباس شريفة، فأعرب عن سعادته بعودة الثقافة ومنابرها للشعب السوري، وتخليصها من أنياب الأفرع الأمنية، بعد أن كان النظام البائد قد افترس الثقافة والأدب، ومارس العدوان الشامل على القلم.
وأكد أن تجربة المثقف في المهجر كانت معقدة وذات أبعاد متعددة، مشيراً إلى أن أبرز تحديات الكتابة خلال الثورة السورية تمثلت في كيفية صون الذاكرة التاريخية أمام العدوان الشامل، وأمام التيارات التي روجت لتقسيم سوريا إلى دويلات، وأمام تيار العودة إلى النظام.
وأكد أن مهمة الكاتب كانت تكمن في إدراك قضية “مكر التاريخ”، باعتباره صورة من صور الهزيمة، مشدداً على ضرورة الانتباه إلى المتغيرات الكبرى في الطريق نحو المستقبل، منبهاً إلى أهمية عدم الوقوف عند الاستعصاءات المرحلية التي لا تعكس الصورة الكلية.
وأشار إلى أن المهمة كانت صعبة بين الحفاظ على سردية الثورة، وعلى تحديد رؤية الدولة، موضحاً أن في الدول الحقيقية والمتقدمة تبقى الدولة قائمة بزوال رأس النظام، وعليه فإننا اليوم نحتاج إلى البناء من الصفر.
من جانبه، تناول حذيفة عكاش دور المثقف في المرحلة الانتقالية، مستعرضاً واقع المثقف في سوريا قبل الثورة وخلالها، حيث عمد النظام إلى تصنيفه لتلميع صورته ولتمجيده، فأصبح المثقف منفصلاً عن الواقع ولا ينتمي للجمهور، وكان من يعارض السلطة يزج في السجون، ولذا رأى أن أولى مهام المثقف اليوم هي إزالة الانطباعات السلبية وتحسين الصورة الذهنية عن المثقف لدى الناس، مقترحاً جملة من الخطوات لتحقيق ذلك، أبرزها فتح قنوات للتواصل ما بين الكاتب والجمهور.
كما شدد على ضرورة تقديم حلول واقعية، والابتعاد عن الطوباوية في السرد والأدب، داعياً المثقفين إلى التمسك بالحرية والكرامة، وعدم السماح بالعودة إلى المرحلة السابقة، مشدداً على أهمية احتكاك المثقف بالناس، ومحاولة تبسيط الحقوق والدساتير والتشريعات، باعتباره يمتلك رؤى وفكراً ومعرفة أوسع.
وأخيراً اختتم القربي الندوة بالحديث عن مزايا المهجر، مشيراً إلى أن يتيح للمغترب الخبرات والعلاقات النوعية التي يصادف خلالها أشخاصاً من غير الممكن الوصول إليهم في الوطن الأم، كما يمنح للمثقف هامشاً كبيراً من الحرية والتعبير، ويفتح له مجالاً للتعبير بحرية.
وأضاف: “من كانوا في الداخل، لديهم عذرهم، إذ إن النظام كان يزجهم في سجن كبير سمّاه سوريا، لكن من كان في المهجر فلا عذر له”.
وطرح عدة مناشدات للمثقفين من بينها، كشف الاستبداد والفساد والظلم، وكذلك التصدي لخطاب الفوضى والانتقام من خلال الابتعاد عن التعميمات، والاستمرار بالمطالبة بالمثالية، وإيصال معاناة الشعب إلى دول العالم، وأيضاً بناء الثقة بمؤسسات الدولة.
مصعب أيوب