عربي ودولي

جلسات البطة العرجاء

| دينا دخل الله

يطلق على الكونغرس الأميركي بمجلسيه في هذه الفترة مصطلح «البطة العرجاء»، وهو مصطلح يستخدمه اللسان السياسي الأميركي بعد كل انتخابات نصفية لمجلسي الكونغرس.

تبدأ المدة الدستورية للكونغرس في الثالث من كانون الثاني من كل عام فردي، وتنتهي في الثالث من كانون الثاني من العام الفردي التالي، أي إن جلسة الكونغرس الحالي بدأت في الثالث من كانون الثاني من عام 2021 وتنتهي من الثالث من كانون الثاني عام 2023.

لذلك فإن أي اجتماع يحدث بين انتخابات مجلسي النواب والشيوخ في الفترة بين تشرين الثاني من العام الزوجي والثالث من كانون الثاني التالي هي جلسة «بطة عرجاء» ومن أهم صفاتها أن المشاركين فيها هم الأعضاء المنتهية ولايتهم في الكونغرس وليس أولئك الذين تم انتخابهم حديثاً. ويطلق على أعضاء الكونغرس بشخصياتهم تسمية «البطة العرجاء» عندما لا يسعون لإعادة انتخابهم أو عندما يهزمون في الانتخابات.

وقد استخدم مصطلح «البطة العرجاء» في القرن الثامن عشر في بريطانيا لوصف التجار ورجال الأعمال المفلسين الذين لم يتمكنوا من تمويل تجارتهم أي إنهم كانوا يعرجون من الناحية المادية مثل البطة العرجاء التي أصيبت برصاص صياد، وفي ثلاثينيات القرن التاسع عشر، اتسع استخدام المصطلح ليشمل أصحاب المناصب الذين يكون موعد انتهاء خدمتهم معروفاً، ما انتقل إلى السياسة الأميركية للإشارة إلى الوقت الفاصل بين انتخاب أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب الجدد في الثلاثاء الثاني من تشرين الثاني وأدائهم اليمين الدستورية في كانون الثاني.

تسمية البطة العرجاء لا تطلق على الكونغرس فقط بل تطلق أيضاً على الرئيس المنتهية ولايته أو الذي خسر الانتخابات.

قبل عام 1935 كانت فترة البطة العرجاء تستمر نحو ثلاثة أشهر، حيث يستأنف الكونغرس جلساته في الأول من كانون الثاني ويبدأ الكونغرس الجديد في الرابع من آذار من السنوات الفردية، وعندها لم يسمح للنواب خلال فترة جلسات البطة العرجاء من إجراء أي أعمال في المسائل المالية ما تسبب بمشكلات هائلة للرؤساء، فالرئيس أبراهام لنكولن كان عاجزاً عن التصرف بعد انتخابه رئيساً في تشرين الثاني عام 1860 في قضية انفصال سبع ولايات جنوبية عن الاتحاد، في حين لم يفعل رئيس «البطة العرجاء» جيمس بيوكانن شيئاً لإرضاء الولايات الانفصالية، وبحلول الوقت الذي تولى فيه لنكولن منصبه في آذار 1861 كانت الولايات الانفصالية قد شكلت حكومتها وبدأت الحرب الأهلية.

عولج هذا الخلل مع التعديل العشرين من الدستور الذي تم التصديق عليه في 23 كانون الثاني عام 1933 ودخل حيز التنفيذ عام 1935 ما أدى إلى تقصير الفترة بين انتخاب الرئيس وأعضاء الكونغرس وموعد بدء ولايتهم الدستورية. وقد عقد الكونغرس حتى الآن 23 جلسة «بطة عرجاء».

تعتبر جلسات البطة العرجاء للكثير من النواب جلسات لا معنى لها، وخاصة أن الكثير منهم هم على وشك التقاعد أو خسروا مقاعدهم.

من ناحية أخرى سجلت جلسات البطة العرجاء نقاشات وقرارات حاسمة، ففي عام 1940 اجتمع الكونغرس ليقرر كيفية مواجهة الحرب العالمية الثانية، وفي عام 1959 دخلت القوات الصينية الحرب الكورية خلال جلسة البطة العرجاء، كما أن بعض نواب البطة العرجاء يشعرون بأنهم غير ملزمين بـأحزابهم، ما يجعلهم يصوتون للمصلحة العامة.

يرى المراقبون أن كونغرس البطة العرجاء الحالي سيقوم بإنجاز مشروع قانون شامل للإنفاق وتقرير ما إذا كان سيتعامل مع سقف الدين الأميركي أم لا، إضافة إلى العديد من البنود التشريعية مثل تقنين الاعتراف الفدرالي بزواج المثليين وإصلاحات قانون العد الانتخابي وتقديم مساعدات لأوكرانيا وتمويل مكافحة جائحة كورونا وتمديد الأحكام الضريبية المنتهية الصلاحية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock