اقتصاد

حبس السيولة يعمق معاناة المواطنين.. أكاديمي لـ”الوطن”: تضعف الثقة بالمصارف وتُعزز التعاملات في السوق السوداء

تحمل تصريحات الحاكم الأخيرة حول طباعة عملة جديدة وإجراءات الإفراج عن السيولة بارقة أمل للبعض، في حين لسان حال آخرين يقول “من كبر الحجر ما ضرب.. يا سعادة الحاكم”. والمطلوب حلول وإجراءات لضبط سعر الصرف بديلة لسياسة حبس السيولة التي حولت أصحاب الودائع إلى متسولين أمام المصارف للحصول على 200 ألف من صرافاتها.

الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي وصف ما يحدث اليوم من حبس السيولة في المصارف السورية بأنه أحد أخطر مظاهر الاختلال النقدي، ويُظهر هشاشة القطاع المصرفي المحلي في أداء وظيفته الأساسية المتمثلة في توفير النقد. إذ يعاني المواطنون، بمن فيهم العاملون في القطاعين الصحي والأكاديمي، من عدم قدرتهم على سحب رواتبهم، وهو ما ينعكس سلباً على الحياة اليومية ويزيد من الضغوط الاقتصادية والاجتماعية.

وقال في حديثه للوطن: “من المعيب تحديد سقف السحوبات للأطباء وأساتذة الجامعات بمبلغ 200 ألف ليرة سورية”، مضيفاً: “كيف نحافظ على كرامتهم من العوز مع أن أموالهم محجوزة في حساباتهم”.

ولفت إلى أن التقديرات تشير إلى حاجة السوق السورية يومياً إلى نحو 120 مليار ليرة سورية لتلبية الطلب الطبيعي، بينما ما يتم ضخه ما دون عشرة مليارات وفقاً لتقارير إعلامية منشورة. معتبراً أن هذا العجز النقدي يُفسر الطوابير الطويلة أمام الصرافات وسقف السحب المحدود الذي لا يتجاوز 200 ألف ليرة في معظم الأحيان.

وقال: “السياسة الرسمية في تقييد السحب النقدي تهدف، حسب التصريحات الحكومية، إلى ضبط سعر الصرف وتقليل الطلب على الدولار ومنع التضخم المفرط، لكنها في المقابل تضعف الثقة بالمصارف وتُعزز التعاملات في السوق السوداء، ما يُفاقم من التشوهات النقدية ويُضعف قدرة الدولة على إدارة الاقتصاد بفعالية”.

ويرى قوشجي أنه وقبل الحديث عن أي تطوير للجهاز المصرفي وتحديثه، يجب أولاً إصلاح الخلل الذي يصيب أصحاب الدخل المحدود في سحب رواتبهم، وليست حسابات تجارية ومبالغ ضخمة سوف تؤدي إلى زيادة سعر الصرف أو زيادة معدل التضخم.

ورأى الأستاذ الجامعي أن استمرار سياسة تقييد السيولة في سوريا يشكل عائقاً جوهرياً أمام أي إصلاح نقدي أو مصرفي مستدام، ويهدد أسس العدالة المالية والكرامة الاجتماعية. إذ لا يمكن بناء نظام مصرفي حديث أو الحديث عن إعادة دمج دولي دون معالجة جذور الأزمة التي تطول أصحاب الدخل المحدود، وخصوصاً الفئات العلمية والمهنية التي ينبغي أن تكون أول من تُصان حقوقها.

وختم قوشجي بالقول: “من هنا، فإن إصلاح واقع السحب النقدي يجب أن يكون نقطة الانطلاق لأي عملية تحديث للمصارف، لأن كسب ثقة المواطن يبدأ من احترام حقه في الوصول إلى ماله، قبل أي خطوات تقنية أو هيكلية أخرى”.

محمد راكان مصطفى

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock