مقالات وآراء

حكومة نتنياهو وبن غافير والهزائم المقبلة

بقلم: تحسين حلبي

لا يقل سجل بنيامين نتنياهو عن سجلات بقية رؤساء الكيان الإسرائيلي في شن كل أشكال العدوان وارتكاب المذابح ضد الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة وتهديد كل دول المنطقة، لكنه يزيد عنهم لأنه تمكن من الاحتفاظ برئاسة الحكومة أكثر منهم جميعاً، بما في ذلك ديفيد بن غوريون أول رئيس حكومة عام 1949 الذي بقي في الحكم 14 عاماً، ونتنياهو الأخطر بينهم لأنه كان أكثرهم اقتحاماً لخطوط تعرض سياسته لأخطار غير محسوبة.

يشير سجل نتنياهو إلى عدد من محطات سياساته الأشد خطورة على الفلسطينيين وكل العرب، فهو حين فاز برئاسة الحكومة عام 1996 وشكل حكومته في حزيران بنفس العام، قام في 25 أيلول بعد ثلاثة أشهر من إعلان حكومته بمحاولة تنفيذ مخطط يستهدف المسجد الأقصى عن طريق حفر نفق يمتد من تحت مبنى الأقصى والمباني المحيطة به بطول 450 متراً لتعريضه للهدم بعد ذلك، فانطلقت الانتفاضة أو الهبة الأولى للتصدي لمخططه واستشهد فيها من الفلسطينيين خلال أيام 63 وأصيب أكثر من 1600 بجراح، وفرضت هذه الانتفاضة عليه التراجع عن تنفيذ مخططه وسحب جنوده من جوار الأقصى.

وبعد عام تماماً حاول نتنياهو في 25 أيلول 1997 زعزعة الاستقرار في المملكة الأردنية في عهد الملك الأردني الراحل حسين بن طلال حين كلف زميله رئيس الموساد، جهاز التجسس والمهام الخاصة، العميد داني ياتوم بإرسال ضباط من الموساد لاغتيال أحد قادة حماس الموجودين علناً في عمان وفي وضح النهار وفي شوارع عمان، وبعد افتضاح العملية في أعقاب هروب رجال الموساد إلى السفارة الإسرائيلية بشكل علني، أغلق الملف. ومنذ ذلك الوقت حتى الآن ما يزال نتنياهو وحزبه الليكود يضعان على جدول العمل استهداف المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس واستهداف الأردن ومستقبل القضية الفلسطينية.

وهو الذي تمكن من إقناع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بنقل سفارة الولايات المتحدة من تل أبيب إلى القدس واعترافه بسيادة الكيان الإسرائيلي عليها «كعاصمة لإسرائيل»، بل وأنشأ مستوطنة باسم ترامب على أراضي الجولان المحتلة، وقدم له ترامب الاعتراف بسيادة الكيان عليها.

يبدو أن نتنياهو في دورة رئاسة حكومته التي حققها لنفسه الآن في عام 2022، وربما لأربع سنوات، سيضع على جدول عمله أخطر مخططات الليكود التي لم يستطع أريئيل شارون تحقيقها حين تولى رئاسة الحكومة عام 2001.

فقد قال شارون عام 1981 حين كان وزيراً للدفاع في حكومة مناحيم بيغين بموجب ما نشرته مجلة «تايم» في 5 تشرين الأول 1981، واستشهد بها معهد الدراسات السياسية IPS في 1 أيار 2021 في مقال كتبه سام باهور: «إن الأردن هو وطن الفلسطينيين لأنه الجزء الذي فصل عام 1922 عن بقية فلسطين».

وفي مقابلة مع أوريانا فالاسي نشرت في 29 آب 1982 في صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية كرر نفس فكرته حين قال لها: «إن للفلسطينيين وطناً هو فلسطين التي تدعى الأردن».

وها هو نتنياهو الآن كزعيم لليكود على غرار مدرسة الليكود وشارون، من المتوقع أن يضع هذه المسألة على جدول عمل الحكومة السري أو شبه العلني بحسب الظروف.

فهو متحالف مع حزب «الصهيونيين المتدينين» برئاسة ايتامار بن غافير الذي فاز بـ14 مقعداً من 120 وأصبح ثالث حزب بعد الليكود وحزب «يوجد مستقبل»، وثاني أكبر حزب في الحكومة الائتلافية، ونتنياهو يعرف أن حزب بن غافير يتبنى هذا الحل مع كل قادة حزبه علناً وهو الذي دعا إلى ترحيل الفلسطينيين من الأراضي المحتلة، وسيصبح نتنياهو بحاجة لعدد مقاعده الأربعة عشر إذا أراد المحافظة على رئاسته للحكومة.

صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الأميركية الشهيرة كشفت في 1 حزيران 2009 حين تولى نتنياهو رئاسة الحكومة في ذلك العام، أن آرييه ايلداد عضو الكنيست من حزب «الاتحاد القومي» الذي كان يحمل نفس الأفكار المتشددة لبن غافير وحزبه، تقدم بعرض مشروع اقتراح على الكنيست بموافقة 53 عضواً من 120 في العام نفسه لمناقشة موضوع «تحويل الأردن إلى وطن للفلسطينيين الموجودين في الضفة الغربية»، وجاء توقيته بعد ثلاثة أشهر على تولي نتنياهو رئاسة الحكومة في آذار 2009، وبن غافير من نفس هذه المدرسة الصهيونية المتشددة علناً وليس من المستبعد أن يطرح على الحكومة التي سوف يشارك فيها بصفة وزير، مثل هذا الموضوع وبخاصة لأنها تضم أحزاباً تتقارب آراؤها مع هذه الأفكار بالغة الخطورة ولها 65 مقعداً في الكنيست.

وإذا ما ظهرت مثل هذه المشروعات الخطرة سيجد الكيان الإسرائيلي أن التصدي البطولي منقطع النظير للشعب الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي القدس سيظل قادراً على إحباط هذه الأهداف القديمة الجديدة وبخاصة بعد أن تصاعدت مقاومته وتصاعد معها صموده وتمسكه بالبقاء في أرض الوطن المغتصب وبالثوابت الفلسطينية التاريخية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock