الرياضةالعناوين الرئيسية

حمص معقل السلة السورية بلا صالة تليق بها ووزارة الرياضة تتحرك وتضعها ضمن أولوياتها

رغم التاريخ العريق لكرة السلة في مدينة حمص السورية، وكذلك رغم حضورها كأحد أهم المعاقل الرياضية في البلاد، فإن واقع المنشآت الرياضية فيها لا يعكس مكانتها ولا يتناسب مع حجم شغف جمهورها، فمدينة بحجم حمص، التي أنجبت أندية رائدة مثل الكرامة وحمص الفداء، لا تمتلك اليوم سوى صالة واحدة تستقبل كل الألعاب والبطولات والتدريبات، ما جعل اللعبة تُدار في ظروف قاسية تُعوق التطور وتكبت طموحات اللاعبين والمدربين والجماهير على حدّ سواء.

صالة وحيدة وطاقات مستنزَفة

تقتصر تدريبات ناديي الكرامة وحمص الفداء على صالة غزوان أبو زيد، وهي المنشأة الرياضية الوحيدة التي تُستخدم لكل الأنشطة الرياضية في المدينة من دون استثناء.

ومع مرور الزمن، تحوّلت هذه الصالة من مركز رياضي يفترض أن يحتضن طموحات الشباب إلى منشأة متهالكة ترهق الفرق أكثر مما تخدمها، أرضية متآكلة، مدرجات غير آمنة، مرافق غير مؤهلة، وطاقة استيعابية لا تتناسب مع حجم الجمهور الذي بات يتابع كرة السلة بشغف متزايد، ورغم كل ذلك، تستمر الصالة في استقبال تدريبات وبطولات السلة، ودوري كرة اليد، إضافة إلى نشاطات متعددة تُستهلك فيها المنشأة إلى حدودها القصوى.

حقٌّ عام لا مكرمة

تاريخياً لم تكن المنشآت الرياضية في سوريا تُدار وفق رؤية وطنية عادلة، بل خضعت في سنوات سابقة بعهد النظام البائد لاعتبارات شخصية ومزاجية، ما جعل مدناً رئيسة مثل حمص تُحرم من أبسط حقوقها الرياضية، فالمنشآت الرياضية، كما يؤكد خبراء الرياضة، ليست هبة من مسؤول ولا منّة من أحد، بل هي حق عام تماماً كحق بناء المدارس والمشافي والطرق.

لكن الواقع كان مختلفاً، إذ وضع الاتحاد الرياضي العام  في سنوات مضت  العديد من احتياجات المدن على الرف، وتجاهل مطالبات الأندية ببناء صالات جديدة رغم تكرار النداءات والكتب الرسمية.

ويبدو المشهد اليوم غير لائق بمدينة مثل حمص، التي تُعد إحدى أهم حواضن كرة السلة السورية منذ عقود.

جمهور واسع، قاعدة ناشئين كبيرة، نتائج لافتة في الفئات العمرية، ومع ذلك، لا منشأة حديثة تستوعب هذا النمو ولا بيئة مناسبة لتطوير اللعبة كما يجب، فالصالة الحالية أصبحت باقية بالاسم،  بالمعنى، كما يصفها الرياضيون، بعد أن فقدت القدرة على مواكبة الحضور الجماهيري الكبير، وافتقرت إلى أبسط معايير الصالات المعتمدة في السلة الحديثة.

رياح التغيير ووزارة بدأت التحرك

مع بروز روح جديدة في مؤسسات الرياضة السورية، وضعت وزارة الرياضة والشباب ملف منشآت حمص في مقدمة أولوياتها

وحسب مصادر رسمية، فإن الوزارة بدأت برسم خطة تأهيل شاملة للمنشآت المتضررة، وسط تأكيدات بأن مدينة حمص ستكون ضمن المرحلة الأولى من المشروعات.

فقد وجّه وزير الرياضة محمد الحامض، منذ اليوم الأول لتسلّمه مهامه، بضرورة إعادة تأهيل المنشآت التي دمّرها الإهمال، ووضع حمص في دائرة الاهتمام المباشر، لأنها مدينة تستحق أكثر بكثير مما حصلت عليه.

والوزارة بصدد إعداد خطة عمل متكاملة تضمن تزويد حمص بمنشآت حديثة تلبي حاجات الأندية والجماهير.

صالة جديدة 

في ظل الضغط الكبير والغياب الطويل للحلول الرسمية، أقدمت إدارة نادي حمص الفداء على خطوة لافتة، تمثلت في بناء صالة تدريبية خاصة بتمويل كامل من مشرف اللعبة تامر الحافظ.

ودخلت الصالة الجديدة مراحلها الأخيرة، ومن المتوقع أن تخفف العبء عن فرق النادي التي كانت تبحث يومياً عن ساعات تدريبية ضائعة بين زحام الأنشطة في الصالة الرئيسة.

ويتوقع أن تسهم هذه الصالة في رفع مستوى اللعبة داخل النادي، وتمنح المدربين واللاعبين بيئة تدريبية مستقرة طالما افتقدوها.

حمص تستحق وجمهورها ينتظر

لا تطلب مدينة حمص المستحيل، ولا تتشبث بامتيازات، فكل ما تريده هو صالة واحدة تليق بتاريخها الرياضي، وتواكب طموح شبابها الذين ملؤوا فرق الدوري السوري حضوراً وتألقاً.

إن بناء صالة حديثة في المدينة لم يعد رفاهية، بل ضرورة ملحّة، ومسألة عدالة رياضية واجتماعية.

الجماهير الحمصية، التي ملأت الملاعب في أحلك الظروف، تنتظر اليوم خطوة حقيقية تعيد للمدينة مكانتها، وتفتح صفحة جديدة في تاريخ كرة السلة السورية، شعارها: الرياضة حق وعدالة الملاعب جزء من عدالة الوطن.

الوطن- مهند الحسني

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock