حملات التبرع وصندوق التنمية السوري.. تأكيد على التلاحم الوطني والرغبة الشعبية في حماية القرار السيادي

أعادت حملات التبرع الشعبية التي شهدتها عدة محافظات سورية مؤخراً وإطلاق صندوق التنمية السوري، التأكيد أن الدولة السورية الجديدة تعيد رسم أولوياتها التنموية على أسس وطنية مستقلة، بعيداً عن التبعية لمؤسسات التمويل الدولية، حيث برز خيار التمويل الشعبي المحلي، كأحد المسارات الاستراتيجية للحفاظ على القرار السيادي السوري، واستعادة زمام المبادرة في عملية إعادة الإعمار.
ونظراً لما تمر به سوريا من تحديات اقتصادية عميقة بعد سنوات من الحرب، انطلقت حملات السوريين في مدنهم وقراهم فكانت، “أربعاء حمص” و”لعيونك يا حلب” و”أبشري حوران” و”دير العز” و”ريفنا بيستاهل” بريف دمشق، و”الوفاء لإدلب”، إضافة إلى إنشاء صندوق التنمية السوري، ليكون الوعاء الأمثل لتوجيه التبرعات الشعبية والاستثمارات المحلية والمساهمات من المغتربين السوريين إلى مشاريع تنموية محددة وشفافة، وذلك بهدف دعم جهود إعادة الإعمار وتحسين الواقع المعيشي والخدمي في المناطق المتضررة جراء قصف النظام البائد.
ويرى مراقبون أن حملات التبرع الشعبية تلعب دوراً معنوياً ومادياً كبيراً، فهي لا تقتصر على جمع الأموال، بل تُعد تعبيراً حياً عن التلاحم الوطني والرغبة الشعبية في حماية القرار السيادي، وهذا الخيار لا يعني رفضاً للمساعدة الدولية الخارجية، بل تأكيداً على أن الشراكة يجب أن تقوم على احترام السيادة الوطنية وبعيداً عن الإملاءات السياسية أو الهندسة الاقتصادية المفروضة من الخارج، مؤكدين أن صندوق التنمية السوري هو ركيزة وطنية لاستعادة القرار الاقتصادي، ونقطة انطلاق لبناء دولة مكتفية وقادرة على الاعتماد على نفسها.
ووفق مراقبون، فإن التبرعات الشعبية ليست مجرد مساهمة مالية، بل تعبير حي عن إرادة الناس في حماية سيادة دولتهم، بعيداً عن التسييس الدولي للتبرعات وأدوات الضغط الناعمة التي يستخدمها عادة الممولون الدوليون، مشيرين إلى أن توجه الدولة السورية نحو تمويل محلي وتنمية مستقلة لا يعكس فقط إرادة اقتصادية، بل يُجسد خياراً سياسياً واضحاً يتمحور حول الاعتماد على الذات وتثبيت ركائز السيادة الوطنية في مرحلة ما بعد الحرب.
الوطن