العناوين الرئيسيةسورية

خطاب التحول: الرئيس الشرع يرسخ مفهوم قيادة الشعب

تحمل كلمات الرئيس أحمد الشرع خلال مخاطبته أهالي حلب أمس “سوريا تحولت من بلد يُقاد من خلال أفراد إلى شعب يقود البلد”،  شحنة رمزية كثيفة تتجاوز حدود العبارة المباشرة، وتفتح الباب أمام قراءة عميقة في طبيعة المرحلة السياسية التي تعمل القيادة السورية الجديدة على ترسيخها في البلاد.

في الظاهر، تبدو كلمات الرئيس الشرع هذه تأكيداً على قطيعة مع نموذج الحكم الفردي، لكن في جوهرها رسالة متعددة الاتجاهات، فاختيار حلب، المدينة التي تختزن ذاكرة ثقيلة من الصراع والدمار والصمود، لم يكن تفصيلاً عابراً، لأن حلب هنا تتحول إلى مسرح رمزي لإعلان “عقد سياسي جديد”، تُستعاد فيه فكرة الشعب بوصفه مصدر الشرعية، لا مجرد متلقٍ للقرارات.

ومن المرجح، وفق مراقبين، أن ما كان يجول في خاطر الشرع لحظة النطق بهذه الكلمات هو الحاجة إلى طمأنة مجتمع أنهكته سنوات طويلة من الإقصاء والتهميش، وأنه يتطلع اليوم إلى دور مختلف في صناعة القرار، فالعبارة توحي بمحاولة إعادة تعريف العلاقة بين السلطة والمجتمع، من علاقة عمودية تقوم على الأوامر، إلى علاقة أفقية تُبنى على المشاركة والتمثيل.

كما تعكس كلمات الرئيس الشرع إدراكاً لحساسية المرحلة الانتقالية التي تمر بها سوريا، مع تقديم سردية سياسية جديدة تمنح التحول الجاري معنى، فالحديث عن “الشعب الذي يقود” لا يعني فقط إشراك المواطنين في الحكم، بل يحمل وعداً بإعادة بناء الهوية الوطنية على أساس المواطنة لا الولاء.

في الوقت ذاته، فإن كلام الرئيس الشرع يحمل رسالة إلى الداخل والخارج معاً مفادها، أن سوريا تسعى إلى الانفصال عن إرث الحكم الفردي الذي التصق بها لعقود، وأنها تحاول التموضع ضمن خطاب سياسي مقبول إقليمياً ودولياً.

إن دلالات هذه الكلمات، بما تحمله من رمزية سياسية ووطنية، تعكس مساعي جادة لفتح صفحة جديدة في الوعي السياسي والمسار السوري، عنوانها الشراكة والمسؤولية المشتركة في بناء المستقبل.

الوطن

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock