اقتصاد

خميس: لن نقبل أي خلل و«الصناعة» ملزمة بتقديم رؤية تتحدى الصخر

لم يخل اجتماع اللجنة العليا لإصلاح مؤسسات القطاع العام الاقتصادي أمس من الانتقادات والجدل حول أولويات خطة إصلاح القطاع العام الاقتصادي والسياسات المقترحة على مستوى الصناعات النسيجية في مجال الدعم، وإعادة إعمار الشركات المتضررة، وذلك بهدف تأطير آلية العمل واختيار الأولويات والتشريعات التي تسهم بالانتعاش الصناعي.
واستهل رئيس مجلس الوزراء عماد خميس الحديث بالتأكيد على أن السقف مفتوح أمام الجميع لطرح كافة المشكلات والعقبات التي تعوق عمل اللجنة، مضيفاً: «لن نقبل وجود أي خلل في قطاع الصناعة، والوزارة ملزمة بتقديم رؤية حقيقية وإستراتيجية للإصلاح تتحدى الصخر لكل مؤسسة، لأنه اليوم لم يعد هناك ما هو مخفي، وما نحتاجه هو أسس حقيقية وواضحة للإصلاح، وعلى الوزارة أن تتحرر وترسم إستراتيجيتها على هذا الأساس».
وشدّد خميس على أن المطلوب ليس التنظير وإنما إصلاح القطاع العام الصناعي، والذي ينطلق أساساً من وزارة الصناعة، علماً بأنه مرتبط كلياً بتشريعات الدولة كاملة، «ومن المعيب أن نبقى على ما نحن عليه»، داعياً إلى وضع القطاع الصناعي على السكة الصحيحة، وإلغاء المؤسسات عديمة الجدوى الاقتصادية، والتي لا أمل منها، مؤكداً ضرورة إنشاء بيئة قانونية وتشريعية جديدة ناظمة لقطاع الصناعات النسيجية وبنك معلومات خاص بها.
وناقشت اللجنة خلال الاجتماع ورقة العمل التي قدمتها وزارة الصناعة، والتي تضمنت شرحاً للمراحل التي تم إنجازها في إعداد الآلية التنفيذية المتعلقة بالإجراءات الواجب اتخاذها لخفض تكاليف الإنتاج ورفع الطاقة الإنتاجية، وإضافة أصناف جديدة وتحديد خطوط الإنتاج المطلوب تأهيلها وتحديث خطوط الإنتاج القائمة، إضافة لتطوير خطة التسويق وإعداد دراسة لتحديد المعامل المراد تأهيلها وفق جدول زمني.
وتم التطرق إلى استمرار انتهاج سياسة ترشيد المستوردات، ودعم الصادرات النسيجية، ورفع القدرة التنافسية لصناعة المنسوجات السورية حسب المعايير والمواصفات الدولية بهدف نفاذها إلى الأسواق الخارجية، والتوسع بالمشاركة في المعارض الخارجية، وتعزيز دور غرف التجارة والصناعة في مجال فحص المنتجات التصديرية.

الإصلاح أولوية
أكد وزير الصناعة محمد معن جذبة أن برنامج إصلاح القطاع العام الاقتصادي يأتي ضمن أولويات العمل الحكومي، وتنطلق الآلية التنفيذية لهذا البرنامج من خلال التركيز على كل قطاع بدءاً بالقطاعات الأكثر أهمية، والتي يعوّل عليها حالياً، موضحاً أنه سيتم التركيز بداية على صناعة الغزل والنسيج للانطلاق منها في اتجاه إصلاح القطاع العام الاقتصادي.
ولفت إلى أن صناعة النسيج تعدّ قطاعاً استراتيجياً واعداً في الاقتصاد السوري لما له من حلقات إنتاجية متكاملة تسهم في الناتج المحلي الوطني، مؤكداً أنه لابد من تحويل الشركات التابعة لقطاع النسيج إلى كيانات اقتصادية جديدة على شكل شركات تملكها الدولة وفق الصيغ المناسبة، مبيناً أن هناك سياسات تقوم بها الوزارة من أجل النهوض بالإنتاج كماً ونوعاً، وذلك من خلال تطوير التشريعات، واستثمار المنشآت المدمرة بأنشطة أخرى صناعية، وإضافة منتج جديد للصناعات النسيجية من خلال تأهيل بعض الخطوط، وقد تم إنتاج بعض الخيوط الجديدة.
ولفت إلى أهمية دراسة تكاليف الإنتاج، والتي تمت من خلال التواصل مع وزارة المالية، وتحقيق جبهات عمل لمنتج مسوّق من خلال استهداف أصناف خيوط جديدة تحتاجها الأسواق المحلية والتصديرية، ما انعكس على ربحية الشركات والمؤسسات، إضافة إلى فتح وحدات إنتاجية ذات بعد اقتصادي واجتماعي، ما انعكس على زيادة إيرادات بعض الشركات.
وأشار إلى أن الحكومة طالبت بضرورة معرفة ما المطلوب إنتاجه من عدمه، ومعرفة واقع المنشآت المتوقفة والمدمرة، والجدوى الاقتصادية من إعادة الإنتاج مع دراسة التكاليف المالية والاقتصادية.

بلا مجاملات
انتقد رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي عماد الصابوني الورقة المقدمة للجنة، مبيناً أنه من غير المعقول أن تتدخل اللجنة العليا للإصلاح الاقتصادي بأدق التفاصيل، لذلك لابد من تحليل واقع المؤسسات والشركات الصناعية، وبناء عليه يتم اتخاذ القرار وفق الأدلة والتصنيف، مشيراً إلى أن هذا التحليل بعيد كل البعد عن ملكية الشركات.
وبين الصابوني أن قضايا الإدارة والمالية والجوانب الاقتصادية لم تطرح ولا بورقة من الأوراق، علماً بأن التحليل الاقتصادي يجب الوقوف عنده لأنه لابد من النظر إلى حساب المؤسسات والشركات وربحيتها وتكاليفها، والخطوة الأولى إعادة الهيكلة الإدارية والمالية، ومعرفة الجدوى من هذه الاستثمارات لتأطير العمل في الإطار الصحيح.
بدوره، قال رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال جمال القادري: «أنا لا أحب المجاملة، ومعروف بصراحتي، وعليه، لقد وصلنا خلال الاجتماعات السابقة إلى عدة نقاط، لكننا لم نتلمس الطريق الصحيح لأخذ خطوات عملية، كما أننا لم نتمكن من أخذ أي قرار».
وأضاف: «اللجنة التنفيذية لإصلاح مؤسسات القطاع العام تعوق توجهات اللجنة العليا، لذلك لابد أن نحدد البيانات، وما هو مطلوب من وزارة الصناعة كخطة عمل للمرحلة القادمة، وخاصة أن مشاكل مؤسسات وشركات القطاع الصناعي ليست بحديثة لجهة قدم الآلات والروتين.. وغيرها»، لافتاً إلى ضرورة أن يكون هناك تعاون مع وزارة الاقتصاد لمنع استيراد أي مادة موجودة محلياً، ويجب تفنيد الواقع الإداري والتقاني خطوة بخطوة.
وأكد وزير الاقتصاد سامر الخليل أنه بحسب النتائج المالية والاقتصادية لشركات القطاع العام الصناعي الخاصة بالنسيج تظهر صعوبة مواكبتها الموضة، لذلك هناك خسارة في شركات القطاع العام، وبالتالي ما يجب أن نعول عليه للاقتصاد الوطني هو المغازل والمحالج من خلال مرونة القوانين، عندها سيكون هناك استثمار واعتماد تام للقطاع الخاص على شركات الغزل الموجودة في القطاع العام، لافتاً إلى أن كل ما ينتج في وزارة الصناعة من غزول يمنع استيراده.

حلول جذرية
قال وزير المالية مأمون حمدان: «يجب علينا أن نفكر ضمنياً بإمكانات التصدير ليس كفائض وإنما لابد من استغلال المزايا الموجودة في الصناعات النسيجية لتأمين القطع الأجنبي».
وأضاف: «إن مشاكل القطاع الصناعي موجودة قبل الحرب وتحتاج إلى حلول جذرية وقوية»، مشيراً إلى أن الإدارة في القطاع الخاص أفضل بكثير من القطاع العام، منوهاً بضرورة تنظيم المشاكل الأساسية، «وقد فتحنا الطريق أمام اللجنة التنفيذية التي يجب أن تستمر في العمل بطريقة تتناسب مع الواقع الحالي، وخاصة أن هذا القطاع تعرض لتدمير ممنهج من قبل الإرهابيين».
بدوره، أكد الأمين العام لمجلس الوزراء قيس خضر أن البيانات المعتمد عليها لإصلاح القطاع العام غير سليمة، لأنها ممزوجة بما هو قبل الأزمة وخلالها، ويجب معرفة ما المؤسسات التي يجب أن نخرج منها، وما هي المنشآت التي يجب اعتمادها، ودراسة الجدوى الاقتصادية والميزات التنافسية لها.
وقال رئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية محمد برق: «لم نحدد آلية إصلاح شركات القطاع العام الصناعي، ومن هي الشركات العاملة والمدمرة، والشركات التي سيتم إدارتها سواء على نظام BOT أو غيره»، مؤكداً أن هناك تراجعاً في أداء عمل هذه الشركات من العام 2013، لافتاً إلى أن القطاع العام الصناعي بحاجة إلى مستلزمات إنتاج، وليس لدينا منتجات».
من جانبه، رأى الخبير الاقتصادي الدكتور زياد عربش أن ما يحدث في موضوع إصلاح القطاع العام الصناعي فيه الكثير من التناقض، وأن 95 بالمئة من مشاكل شركات الصناعة هي في البيئة التشريعية.

نتائج
اعتمدت اللجنة مساراً لإصلاح قطاع الصناعات النسيجية من خلال البدء بالتشخيص الفعلي والحقيقي لواقع المؤسسات من النواحي المالية والاقتصادية والهيكلية، وتحديد نقاط القوة والضعف لجهة استمرار أي شركة أو إلغائها في حال عدم تحقيق أي جدوى اقتصادية من إصلاحها.
وتم تشكيل فريق من الخبراء لإعداد الإطار التشريعي العام لإصلاح المؤسسات، وفريق من وزارات الصناعة والمالية والاقتصاد وهيئة التخطيط والتعاون الدولي والجهاز المركزي للرقابة المالية وعدد من الخبراء الماليين لإعداد دليل الهيكلة المالية والتحليل الاقتصادي والمالي لمؤسسات وشركات القطاع النسيجي.
كما تم تشكيل فريق من الخبراء من وزارات الاقتصاد والصناعة وهيئة التخطيط والتعاون الدولي لإعداد السياسة المقترحة على مستوى الصناعات النسيجية، وتم الطلب من وزارة الصناعة إجراء مسح شامل لجميع مؤسسات القطاع العام الصناعية وتقديم رؤية تفصيلية متكاملة ومقترحات إصلاح هذه المؤسسات ليتم مناقشتها واعتمادها من قبل اللجنة العليا.
وتطرقت المناقشات إلى الإجراءات اللازمة لمعالجة نقص الخبرات من خلال إقامة دورات تدريبية متكاملة للكوادر والعمال، ومعالجة موضوع العمالة الفائضة بإعادة توزيعهم على المطارح التي تحتاج عمالاً، والاستفادة من الموارد المتاحة في القطاع النسيجي بالشكل الأمثل والحد من الهدر.

هناء غانم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock