مقالات وآراء

دولة الإمارات تغيرت

ظهر مقال بتاريخ 21 الشهر الجاري في مجلة «ذا سبيكتاتور» اللندنية المحافظة بعنوان « تجديد الإسلام: تحالف عربي-إسرائيلي آخذ في الظهور في الشرق الأوسط»، وعلى الفور نشره كل من وزير الخارجية الإماراتي، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بتغريدة على حسابيهما، ورأى الاثنان في المقال تتويجاً لجهودهما، لكن كل على طريقته.
ترى المجلة اللندنية أنه صار للديانة اليهودية، من الآن فصاعداً، حق المواطنة في العديد من الدول العربية التي منعت فيها في سالف الأزمان. ووفقاً للمجلة، فإن هذا التطور يأتي بعد رفض أيديولوجية الإخوان المسلمين، وفشل الربيع العربي.
تبني المجلة استنتاجاتها على تراجع حالة التدين في الدول العربية وفقاً لمؤشرات البارومتر العربي الذي أجرى استطلاعاً للرأي في شهر حزيران الماضي شمل خمسة وعشرين ألف شخص من اثنتي عشرة دولة عربية، أعربوا فيه صراحة عن أنهم غير متدينين، وتبين لهم أن هذه النسبة في تصاعد بين مسح وآخر، حيث كانت قبل الاستطلاع الأخير 8بالمئة وبلغت الآن 13 بالمئة لتصل إلى 18بالمئة لدى من هم دون سن الثلاثين.
بالنسبة للشيخ عبد اللـه بن زايد آل نهيان، فإن قبول اليهودية في البلاد، هو نتيجة للسياسة الإماراتية، لاسيما بعد أن أنشأت دولة الإمارات وزارة للتسامح، مهمتها تنظيم جميع أنواع المبادرات، للتعرف على الديانات الأخرى، وفهمها وقبولها بشكل أفضل، وبذلك تجد الإمارات نفسها منسجمة مع تقاليد هذا الشعب المؤلف من صيادين وتجار، تتجه أنظارهم نحو الهند بدياناتها المتعددة الأطياف. لهذا السبب بدؤوا معركة لا هوادة فيها ضد جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما قربهم في الآونة الأخيرة من سورية.
بيد أن بنيامين نتنياهو لم يفهم الأمر بهذه الطريقة، بالنسبة له، فإن قبول اليهودية يعني قبول إسرائيل، التي أصبحت بفضله، وفقاً للكنيست «دولة يهودية»، على الرغم من رفض هذا القانون التمييزي من قبل لفيف كبير من الجمهور الإسرائيلي، من ضمنهم بطبيعة الحال، الدروز والأقليات المسيحية، وزاد عليها أفيغدور ليبرمان حين فرط عقد الأغلبية البرلمانية برفضه السماح للأحزاب الدينية بالجلوس في الحكومة، ما أدى إلى انقسام الناخبين الإسرائيليين، منذ سنة حتى الآن، بين من يعرّفون أنفسهم بأنهم «يهود» من ناحية، ويصطفون وراء بنيامين نتنياهو، وأولئك الذين يعرّفون أنفسهم بأنهم «إسرائيليون» ويقفون وراء بيني غانتز، من ناحية أخرى.
من الصعب تجاهل أن إسرائيل دعمت «القاعدة» منذ عام 1977، وأنها زودتها بكل أسلحتها في أفغانستان، واستمرت بدعمها حين تحولت إلى داعش في عام 2014.
في المقابل، فإن الإمارات العربية المتحدة، وبعد اتباعها النهج السعودي، أوقفت كل الاتصالات مع جماعة الإخوان المسلمين في عام 2016، أي العام الذي أنشأت فيه وزارة التسامح، أي قبل عام من خطاب الرئيس دونالد ترامب في الرياض الذي حذر فيه من إنشاء الدول الجهادية.
صحيح أنهم دعموا في السابق الجهاديين في سورية، وحافظوا على علاقاتهم مع حزب الإخوان المسلمين اليمني حتى عام 2017، لكنهم تغيروا تماماً اليوم، لقد فعلوا ذلك بملء إرادتهم، وليس تحت ضغط من البيت الأبيض.
وليس خافياً على أحد أن مقال المجلة البريطانية يخلط بين مشيئة دولة الإمارات العربية المتحدة من أجل السلام وضد الإخوان المسلمين، وبين شهوة بنيامين نتنياهو من أجل السيطرة على الشرق الأوسط الكبير، والساحل الإفريقي مع جماعة الإخوان المسلمين، وهو يبغي من وراء ذلك وأد القضية الفلسطينية بأقصى ما يمكن من السرعة، كما أنه يرى أن الإمارات قد انفتحت على الديانات الأخرى، لاسيما المسيحية، وهو ما اتضح للجميع من حفاوة استقبالهم لبابا الفاتيكان فرانسيس في شهر شباط الماضي.
وفي المحصلة، لا يفرق نتنياهو بين الحرب ضد الإخوان المسلمين كمنظمة، على غرار ما يفعله السعوديون حالياً، والحرب ضد أيديولوجية الإخوان، على غرار ما يفعله الإماراتيون في الوقت الحالي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock