منوعات

“رد القضاء” ملحمة سجن حلب المركزي في السينما السورية

| وائل العدس- تصوير طارق السعدوني

أطلق المخرج السوري الكبير نجدة إسماعيل أنزور فيلمه الجديد «رد القضاء»، تأليف ديانا كمال الدين، وإنتاج المؤسسة العامة للسينما بالتعاون مع مجموعة القاطرجي.

_mg_8356       _mg_8292

وحضر العرض الأول الذي تم افتتاحه في دار الأسد للثقافة والفنون مساء أمس الأول الجمعة عدد من الوزراء وأعضاء مجلس الشعب، إضافة إلى شخصيات فنية وثقافية، واجتماعية، ودينية، وشعبية.

_mg_8396        _mg_8350

يبني الفيلم مشاهده على أحداث واقعية جرت أثناء حصار سجن حلب المركزي من التنظيمات الإرهابية المسلحة، وبعض شخصيات الفيلم حقيقية تظهر بأسمائها وبعضها الآخر من نسج الخيال.

_mg_8270

ويرصد الشريط البطولات التي سطرتها القوات المسلحة الباسلة داخل السجن والتضحيات التي بذلتها إلى أن تمكن الجيش العربي السوري من كسر الحصار في أيار عام 2014.
وتتقاطع في أحداث الفيلم العديد من مصائر شخصياته فيظهر التلاحم الإنساني بين أفراد هذا السجن، وتظهر حالات إنسانية متبادلة حتى بين الشرطة والمساجين. ‏
وبنيت ديكورات خاصة خصيصاً للفيلم برؤية فنية بديعة نقلت سجن حلب كما هو، ليكون منتجاً ثقافياً في مواجهة الفكر التكفيري المتطرف.
وحصل منجزو الفيلم على نحو 300 شهادة لأشخاص حقيقيين عاشوا ضمن السجن استطاعوا من خلالها تكوين هذا الخط الدرامي.

 

_mg_8228

 

الحالة الإنسانية

وانحاز الفيلم للحالة الإنسانية من خلال تسليط الضوء على حقيقة ما جرى فعلاً، فالسجين حمل البندقية ودافع مع الشرطي، فكان السجن بيته ووطنه، ولم يقبل أن يأتي مسلح ويهاجم السجن حتى وإن كان سجيناً فيه ليقول: «طالعوني خلوني قاتل معكم، ما عاد فيني أقعد هون وآكل خبز مغمس بدم الشرطة والجيش».

_mg_8305

حمل السجناء السلاح ودافعوا عن السجن، وعندما انتهت المعركة سلموا سلاحهم وعادوا إلى السجن مرة أخرى ولم يهربوا، بل دافعوا عنه لأنهم اعتبروه قطعة من بلدهم ومن حقهم الدفاع عنه على الرغم من أنهم كانوا قد أخطؤوا سابقاً، لكنهم في النهاية سوريون ورأوا بأم أعينهم أن المسلحين الذين زعموا أنهم قادمون لتحريرهم كانوا يرمونهم بالقذائف الفوسفورية إضافة إلى التفجيرات، بل لم يبق سلاح إلا استخدموه ضد الناس داخل السجن، لكن في المقابل رأى السجناء كيف كان أفراد القوات المسلحة في الخطوط الأمامية للدفاع عنهم، وكيف كانوا يضحون بأنفسهم مقابل حياة السجناء.

حاتم البطل
الشهيد الحي حاتم عرب كان أحد الأبطال الذين دافعوا عن السجن ببسالة قبل أن تطوله إحدى القذائف بنخاعه الشوكي وتصيبه بشلل نصفي، في وقت أعدم فيه الإرهابيون جميع أفراد عائلته في قرية الزارة بريف حمص في المجزرة المروعة والوحشية التي راح ضحيتها عشرات الشهداء والمفقودين.

_mg_8512

عرب الذي أدى دوره الممثل مجد فضة كان من بين الحضور، واعتلى المسرح بكرسيه المتحرك بعد نهاية العرض وقوبل بتصفيق حار وطويل من الحضور، قبل أن ينزل إليه وزيرا الداخلية والثقافة لتحيته تحية حارة جداً.
عرب الصامد والقوي رغم ثقل جراحه قال في حديث لـ«الوطن»: إن سورية تحتاج منا أكثر من ذلك، لذا أنتظر من اللـه الشفاء العاجل لأعود وأقاتل في صفوف القوات المسلحة مجدداً ضد الإرهابيين القتلة، والشكر دوماً لله على كل حال، والشكر الكبير لسيادة الرئيس بشار الأسد على دعمه الدائم، وللسيد وزير الداخلية الذي لم يتركني.

_mg_8537

وقد بني الخط الدرامي للفيلم على عائلة «عرب» التي بدأت بالأم التي تعيش معركة مع القضاء والقدر، حيث ترى أنه من حقها الدفاع عن أولادها وأن تعطيهم أسباباً للحياة، فتخطب لابنها «عرب» وتقول له «عروستك جاهزة لا تمت هناك، لا تمت ولتخرج من السجن وأنت على قيد الحياة».
آخر جملة تُقال في الفيلم أنه لا يكفي أن يكون رد القضاء بالدعاء فقط وإنما ينبغي أن نقاوم ونصمد، وهو ما حاول القائمون قوله على لسان «عرب» شرطي المرور الذي لا يزال على قيد الحياة، والذي يحمل معنى البطولة بكل أبعادها.
وتم في نهاية عرض الفيلم تكريم الشرطي البطل حاتم عرب الشهيد الحي لتضحياته الكبيرة دفاعاً عن وطنه.

أبجدية النصر
وفي كلمة له قبيل العرض أكد وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم الشعار أن الصمود في وجه التحديات والمحن يعبّد طريق الانتصار عليها ومواقف البطولة والفداء تمهد سبل المجد والخلود، مشدداً على أن مقاومة العدوان هي السبيل الأمضى وإن غلت التضحيات.
وقال إن ما شهدته أيام حصار سجن حلب من مواجهات دامية وبطولات مدهشة تشكل مصدر فخر واعتزاز بحامية السجن من رجال قوى الأمن الداخلي ومن انضم إليهم من مقاتلي جيشنا الباسل الذين شكلوا جبهة متراصة استعصت على الاختراق والاستسلام مسلحين بإرادة الصمود والمقاومة والتسابق إلى البذل والعطاء، فكان لهم النصر المعمد بدماء الشهداء البررة وبطولات الجرحى الشهداء الأحياء.
وأضاف الوزير الشعار: أشير بكل الفخر والاعتزاز إلى متابعة السيد الرئيس بشار الأسد لصمود حامية سجن حلب وتوجيهاته المستمرة لتأمين متطلبات هذا الصمود وتعزيزه والعمل على فتح الطريق إلى السجن وكسر الطوق عنه في أسرع وقت ممكن، وهذا ما تحقق.
ولفت إلى أن أيام حصار سجن حلب وما شهدته من قصص الإقدام والرجولة والشجاعة شكلت إضافة جديدة إلى إرثنا الوطني المقاوم، كما كانت مفصلاً مهماً يؤكد أن الصمود هو الشرط الأساس لأي انتصار.
وقال الشعار إن الشعب السوري البطل الأبي بكل مكوناته يكتب أبجدية النصر على الإرهاب على أيدي بواسل قواتنا المسلحة وبمشاركة ميدانية من قوات حفظ الأمن والنظام، لافتاً إلى أن الإرهاب يندحر اليوم عند أسوار حلب الصامدة كما اندحر عن أجزاء غالية من وطننا الحبيب إيذاناً بالنصر القريب.

_mg_8484

نتاج ثري
وزير الثقافة محمد الأحمد قال في كلمته: لطالما قدمت الأمم العريقة نتاجها الثقافي في سنوات الشدة، وسورية العظيمة التي تتربع على عرش آلاف السنوات من الحضارة قدمت نتاجاً ثقافياً ثرياً في السنوات الخمس الأخيرة.

_mg_8379

وأضاف: أدركنا منذ اللحظات الأولى أن هذه الحرب الظالمة تستهدف تدمير تراثنا وإرثنا وثقافتنا وحضارتنا وأوابدنا، لذلك كان الإصرار على محاربة القبح بالجمال والظلام بالنور والجهل بالعلم وإعلاء قيم الحق والخير والموروث العظيم.
وأكد أن الفيلم يصب في مشروع الوزارة الداعي نهجاً وفيلماً وكتاباً ومسرحاً لمواجهة الفكر الرجعي التكفيري الظلامي، لافتاً إلى أن «رد القضاء» ينضم إلى الأفلام التي سبقته في إضافة ذاكرة جديدة تدوّن عشقنا لتراب هذا الوطن وافتخارنا بالدم النبيل الذي سقاه فأينع بطولات وانتصارات ستكون زوادة ثرية للأجيال القادمة.
وأشار وزير الثقافة إلى أن المخرج أنزور قدّم فيلماً كبيراً ومؤثراً يحتفي بصفحة مشرّفة ومشرقة قام بها أبطال قوى الأمن الداخلي في سجن حلب استقى أحداثها من وقائع حقيقية وأشخاص حقيقيين، فما أصعب في ساعتين من الزمن أن تختزن شهوراً من الحكايات والأحداث والذكريات.

نستحق الحياة
مخرج الفيلم نجدة أنزور أكد للوطن أن التكفيريين أصحاب الفكر الوهابي والإرهابي اعتقدوا أنهم قضاء لا مفر منه، لكن بإرادة وتصميم الجيش العربي السوري وقوى الأمن الداخلي والقوى الرديفة والحليفة، وتصميم وإرادة الشعب السوري وقائده استطعنا رد هذا القضاء.
وقال: هؤلاء المسلحون أمام خيارين، فإما الاستسلام أو الموت، فأمام إرادة الشعب السوري لا أعتقد أن أي قوة في العالم تؤثر على هذا البلد أو تمس وحدته، وقد أثبتنا للجميع أننا نستحق الحياة وسنبقى نحارب الإرهاب بالقلم والفكر والثقافة.
وأوضح أن البطولات التي جسدت في سجن حلب المركزي تعبر عن الوحدة الوطنية، والفيلم يقدم تجربة تتحدث عن جزء مما يحدث في سورية من بطولات وصمود كما أنه يحمل لغة بسيطة يخاطب من خلالها كل فئات الشعب ويصور بطولات لشخصيات حقيقية.
وأضاف: الناس في الغرب سترى هذا الفيلم وستقول عنه إعجاز، لأنهم من خلال الإعلام المعادي لا يعتقدون أن في سورية فناً ودار أوبرا يرتادها الناس بكثافة، والنصر قريب إن شاء الله.

يد واحدة
بدورها كاتبة الفيلم ديانا كمال الدين قالت إن هؤلاء الأبطال استطاعوا أن يكونوا يداً واحدة ضد الحصار داخل السجن بصمودهم وثباتهم.
وأوضحت أنها أرادت أن تلامس أوجاع المحاصرين داخل السجن ولو بلمحة صغيرة، مضيفة أنه مهما حاولنا شرح ما حدث لن نستطيع لأننا نعلم أن الذي حدث داخل السجن أكبر بكثير من الذي تمت كتابته.

مهمة أخلاقية
المخرج المساعد قتيبة غانم قال لـ«الوطن»: في هذا الفيلم بقيت على أعصابي منذ اللحظات الأولى للتحضيرات حتى انتهاء العرض الافتتاحي الأول وسماع آراء الجمهور، والسبب أننا تصدينا لملحمة من أهم ملاحم البطولة التي سطرت في محاربة سورية للإرهاب، وسلط الضوء على أشخاص حقيقيين، منهم من استشهد ومنهم من بقي على قيد الحياة.
وتابع: هذه الشخصيات كان لها تاريخ وحياة، فكانت هناك مهمة أخلاقية أكبر من المهمة الفنية في إيصال تفاصيل حياة هؤلاء الأشخاص وبطولاتهم ضمن هذه الفترة التي حوصر بها السجن، أما الحالة الإيجابية التي كانت تعطيني المعنويات هي أننا تصدينا لحدث مكتمل الوضوح كما في بعض الأفلام العالمية كالتي تكلمت عن الحرب العالمية، فكانت الأفلام الأكثر نضوجاً هي التي صنعت بعد انتهاء الحرب، وهذا ما حصل بفيلمنا الذي صنعناه بعد انتهاء الحصار بحوالي السنتين، فكان الفيلم ناضج الأفكار وليس كردة فعل على حدث قائم حالياً.

ثالث الأفلام
يعد «رد القضاء» ثالث الأفلام السينمائية لنجدة أنزور الذي انتخب نائباً لرئيس مجلس الشعب، حيث أنجز قبل ذلك في الفن السابع فيلمين هما «فانية وتتبدد» 2016، و«ملك الرمال» 2013.

الممثلون المشاركون
يشارك في تأدية شخصيات الفيلم مجموعة كبيرة من الممثلين همّ: لجين إسماعيل، ومجد فضة، وعامر علي، وجولييت عواد، وعبد الرحمن أبو القاسم، ومروان أبو شاهين، وجهاد الزغبي، وليث المفتي، وإيناس زريق، ومحمد شما، وخلدون قاروط، ومازن الجبة، وفراس الفقير، وروجينا رحمون، ودينا خانكان، ورشا رستم، وناصر مرقبي، ومجد مشرف، وحسام سكاف، وزيد الظريف، ورائد مشرف، وفادي عبد النور، وكنان العشعوش، ونبيل فروج، وفادي شاعر، وسوار داوود، وعمر أبو الفضل، وحسان علي، وفادي حواشي، وأحمد عيد، وعماد نجار، وغيث الأدهمي، وباسل زين الدين، وعلي إبراهيم، ووائل شريفي، وعلي إسماعيل، وسالم بولس، وماهر أبو مرة، ومحمد الهيب، وفرزدق ديوب، ومازن عباس، وراميا زيتوني، ومضر جبر، وليال زيدان، وأنطون شهيد، وفراس فلاح، ومحمد حسن، وصابرين الورار، ومحمد علي، وبهاء نعيسة، وفارس حيدر، وأحمد عبد الباري، وإبراهيم عيسى، ومنتصر الفقيه، وفايز أبو شكر، ومحمد دباغ، ومريان عبد الرحمن، وأحمد عاصي، وسامر سفاف، ومحمد سالم، وبيدروس برصوميان، ووائل ناجي، وأسامة حلوم، ونور أبو حمدان، وعبادة موره لي، وعلي عهد إبراهيم، وعلي الماغوط، وإياد شحادة، وسرمد خلف، وزامل عبد الزامل، وأحمد الخطيب، ورامي الأحمر، ومحمد الويسي، وطارق نخلة، وعماد سليمان، إضافة إلى الضيوف: فايز قزق، وجمال العلي، وفدوى محسن، واسكندر عزيز، وفواز سرور، وعبد اللـه شيخ خميس، وأمجد الحسين، وسناء سواح، في حين قام بالأداء الصوتي للسيد وزير الداخلية الفنان زهير رمضان.

جريدة الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock