ستبقى قلباً نابضاً بالآمال.. دمشق ليست مجرد عاصمة

لطالما كانت دمشق، منذ فجر التاريخ، تمثل قلب العروبة النابض، عاصمة الحضارات والثقافات المتنوعة، ومهداً للثورات العربية، ومركزاً حيوياً للفكر والسياسة والثقافة، تستمد قوتها من روحها العربية الأصيلة، التي امتزجت بالتراث والتاريخ.
قبل أكثر من خمسين سنة، كانت دمشق عاصمة العروبة بلا منازع، وكان العرب ينظرون إليها كمنارة للثقافة والحرية. في ذلك الوقت، كانت دمشق محط أنظار العالم العربي، بموقعها الجغرافي والتاريخي، وبمواقفها السياسية الثابتة، كانت تمثل الحلم العربي في الوحدة والتضامن، حيث كانت تجتمع فيها الأحزاب والمنظمات العربية من كل بقاع العالم لتحقيق أهداف مشتركة.
لكن مع مرور الزمن، وتحديداً مع صعود آل الأسد للحكم، بدأت ملامح دمشق تتغير، إذ جُيّرت مكانتها المرموقة لمصالح سياسية ضيقة، فتم تحويلها إلى مجرد أداة، وتم استغلال قيمتها التاريخية والثقافية.
عانت دمشق كثيراً من النظام البائد الذي سعى إلى تهميش تاريخها وتدمير هويتها الثقافية والسياسية. تحت قبضة هذا النظام، تحولت المدينة من رمز للحرية والعروبة إلى مكان تعصف به الأزمات والفساد. عانت شوارعها وأحياؤها من القمع، وأُغلقت أبواب الحوار والتواصل مع العالم العربي. ومع كل تلك المعاناة، لم تنكسر إرادة دمشق ولم تتراجع عزيمتها. على العكس، فإن ما مرت به من صعاب قد جعلها أكثر قوة وإصراراً على استعادة مكانتها كعاصمة للعروبة ومنارة للسلام.
على الرغم من كل المحاولات لتحويلها إلى مجرد مدينة تابعة لنظام استبدادي، تبقى دمشق في قلب كل عربي، ولن تغيّر سنوات من الاستبداد والقمع مكانتها العريقة. دمشق ستبقى عاصمة الدنيا وعاصمة العروبة، كما كانت دائماً، قلباً نابضاً بالآمال، سيبقى صوتها في الوجدان العربي حياً لا يموت، كما كانت دائماً منارة للثقافة والعلم والحكمة. وها هي دمشق اليوم تكتب تاريخاً متجدداً يبعث الأمل في قلب الأمة العربية. لتكون المدينة مركزاً للنهوض بالثقافة والفكر، ورمزاً للحرية والكرامة. ستظل، رغم التحديات، كما كانت دائماً، منارة مضيئة للأجيال القادمة، وموطناً للقيم التي تربط الشعوب العربية بعضها ببعض.
إذاً.. دمشق ليست مجرد عاصمة، بل هي تجسيد للروح العربية الحقيقية، وتبقى تلك الروح حية في قلوب كل أبناء الأمة، وتبقى دائماً عاصمة العروبة كما كانت منذ أكثر من نصف قرن، قلباً نابضاً لآمال الشعوب العربية.
وائل العدس