مقالات وآراء

ستة أيام هزت «إسرائيل»

لم تكن الأيام الستة الماضية أياماً عادية على الكيان الإسرائيلي الذي عمل كثيراً من أجل الظهور بمظهر أقوى قوة إقليمية توسعية عسكرية في المنطقة فقد أثبتت لغة الأرقام والحقائق التي تسلسلت أمام أعين الشعب الفلسطيني بشكل خاص وشعوب الوطن العربي والمنطقة أنه حقاً «بيت العنكبوت» بموجب ما وصفه سماحة السيد حسن نصر الله، فالحرائق لم تلتهم جزءاً من الأحراش كما حاول البعض أن يصور ويستنتج ما يحلو له بعيداً عن الحقيقة بل تسببت بتخريب أكثر من ألفي وحدة سكنية استيطانية بنيت في مدن كبيرة مثل حيفا التي أجبر فيها ما يزيد على ثلث سكانها الإسرائيليين 240 الفاً على الرحيل عنها بعد دمار بيوتهم إضافة إلى عشرات الألوف من مستوطنات ومدن وضواح امتدت على عشرات الكيلومترات ممن أصابتها الحرائق وفر المستوطنون فيها إلى أماكن أخرى من دون أمتعة الكثيرين منهم مخلفين وراءهم احتراق ممتلكاتهم ودمار جزء كبير من المباني السكنية.

وفي حيفا المدينة الكبرى في شمال فلسطين المحتلة منذ عام 1948 كشفت أرقام المطالبة بالتعويضات عن وجود 500 منزل وقع فيها دمار شامل من الداخل والخارج وأن 1200 منزل آخر في مستوطنات ومدن صغيرة تعرضت لدمار بين الشامل والجزئي مع خسارة كل الممتلكات الداخلية وأن الخسارة في حرائق الأحراش في الكرمل لن تكلف نفقات تذكر لأن الزمن هو الذي سيعالج ما احترق من أحراش، وتضيف الأرقام الإسرائيلية أن آلاف السيارات والمعدات والأجهزة التابعة للبنية التحتية للمباني في التدفئة والتبريد والصيانة والسلامة تم دمارها في أكثر من ألفي منزل وشارع وأن أكثر من 130 ألفاً من الإسرائيليين سيبقون من دون مأوى بانتظار إعادة بناء المنازل أو إعادة ترميمها… وبالمقابل بدأ المجتمع الإسرائيلي ينشغل ويشغل الحكومة وشركات التأمين بالمشكلات التي تولدت عن هذا الدمار، فهناك إسرائيليون لا تشملهم تعويضات التأمينات إذا كان الحريق قد اندلع بسبب ظروف طبيعية أو إهمال من مؤسسة الإطفاء، وكان وزير المالية الإسرائيلي قد أعلن أن هذه المشكلات سيتم فرزها حسب أسباب الحريق فإذا كان ناتجاً عن عملية إحراق قام بها فلسطينيون فسوف تقوم الحكومة بتعويض المتضررين بشكل كامل وإذا لم يكن بسبب عملية كهذه فإن الموضوع سيكون بيد شركات التأمين… ومع ذلك تشير تقديرات عرضتها القنوات العبرية في الأيام الماضية بأن هذه الحرائق ستكلف الخزانة العامة للحكومة مليارات الدولارات.

وبدأ وزير المالية بامتصاص نقمة المستوطنين في مناطق الحرائق بعرض 600 دولار كمبلغ فوري لكل فرد تعرض لضرر من هذا الحريق وتقرر عرض عدة آلاف من الدولارات فورية تدفع لكل من لحق الدمار الشامل بمنزله، وتبين أن هذه الحرائق أشغلت جزءاً مهماً من جيش الاحتلال في المساعدة لأن محطات الإطفاء المركزية الإسرائيلية المتوافرة كان عددها 120 ويعمل فيها أقل من 2000 من رجال الإطفاء، بينما تحتاج مثل هذه الحرائق إلى 230 محطة مركزية وإلى أكثر من 6000 رجل إطفاء مع المعدات والطائرات المطلوبة كافة وتضيف أرقام القنوات العبرية أن قيادة الجيش الإسرائيلي أعلنت أنها لن يكون في مقدورها المساعدة مرة أخرى في مثل هذه الحرائق لأن هذه المسألة تتطلب من الجيش قوات بشرية لا يستطيع الاستغناء عنها وأن أي حالة حرب مقبلة تحدث فيها مثل هذه الحرائق لن يكون للجيش أي دور في المساعدة في إطفائها وتقديم ما تتطلبه من رجال الإطفاء.

إن هذا الجزء القليل من الأرقام يدل تماماً على أن الحرائق أصابت الوحدات الاستيطانية وأصحابها وليس الأحراش الطبيعية التي تضررت بعض مناطقها كما أرادت إسرائيل عرضه في البداية… كما ترجح مختلف المصادر الإسرائيلية والأخرى المحايدة أن تكون بداية الحريق قد وقعت بسبب ظروف غير متعمدة في الأحراش ثم امتدت بسبب ظروف الرياح والطقس غير الماطر إلى أماكن كثيرة وكان لاستمرارها طوال خمسة أيام أسباب شجعت أفراداً من الفلسطينيين على استغلالها بشكل من الأشكال… وفي النهاية سيظل مشهد هذه الحرائق التي هزت الكيان وستظل تفرض استحقاقاتها لسنة كاملة درساً للمستوطنين ولجيش الاحتلال الذي أحرق ودمر بيوت الفلسطينيين في الأراضي المحتلة وسلبها لمصلحة الاستيطان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock