اقتصادالعناوين الرئيسية

سوريا تحت وطأة الجفاف: أزمة مناخية تهدد الأمن الغذائي والاقتصاد

تواجه سوريا اليوم واحدة من أشد الأزمات المناخية في تاريخها الحديث، حيث تعيش أسوأ موجة جفاف منذ ستة عقود.

وقد ألقى الرئيس السوري أحمد الشرع الضوء على هذه الكارثة خلال كلمته في مؤتمر قمة المناخ (COP30) المنعقد في مدينة بيليم البرازيلية.

الدكتور عبد الرحمن محمد أستاذ التمويل والمصارف في كلية الاقتصاد في جامعة حماة لفت في حديثه ل”الوطن” إلى أن هذه الأزمة ليست مجرد تحدٍ بيئي، بل هي أزمة متعددة الأبعاد تؤثر في الأمن الغذائي، والاقتصاد، وسوق العمل، ما يهدد استقرار البلاد ومستقبلها.

واوضح أنه تتطلب مواجهة هذه الأزمة جهوداً متكاملة من الحكومة السورية والمجتمع الدولي لتخفيف آثارها الكارثية.

 

وحول تأثير الجفاف المستمر على الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي في سوريا، قال: الجفاف المستمر في سوريا أدى إلى تراجع كبير في الإنتاج الزراعي، وخاصة المحاصيل الأساسية مثل القمح والشعير.

وأضاف: تشير التقارير إلى انخفاض إنتاج القمح بنسبة تصل إلى 40 %، ما يهدد الأمن الغذائي لأكثر من 16 مليون شخص، في بلد يعاني بالفعل من معدلات مرتفعة من سوء التغذية. كما أن الجفاف أثر في المحاصيل المروية والبعلية على حد سواء، حيث تقلصت المساحات المزروعة بشكل كبير، وأصبحت الأراضي الزراعية غير قادرة على تلبية احتياجات السكان الغذائية.

ويرى محمد أن هذه الأزمة تزيد من الاعتماد على الواردات الغذائية، ما يضع ضغوطاً إضافية على الاقتصاد السوري المتعثر.

 

وبالنسبة للآثار الاقتصادية للجفاف على سوق العمل في المناطق الريفية في سوريا والتي تعتمد بشكل كبير على الزراعة كمصدر رئيس للدخل. قال: مع تراجع الإنتاج الزراعي بسبب الجفاف، فقد العديد من المزارعين وظائفهم، ما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة في هذه المناطق. كما أن انخفاض الإنتاج الزراعي أثر في الصناعات المرتبطة به، مثل تصنيع الأغذية وتجارة المحاصيل، ما زاد من تفاقم الأزمة الاقتصادية. ولفت إلى أن هذا الوضع يدفع العديد من سكان الريف إلى الهجرة نحو المدن أو حتى خارج البلاد بحثاً عن فرص عمل، ما يزيد من الضغط على المناطق الحضرية ويؤدي إلى تفاقم التحديات الاجتماعية والاقتصادية.

وقال بصراحة: عانت سوريا من أسوأ موجة جفاف منذ عقود، ما أدى إلى تدهور كبير في الثروة الحيوانية. حيث تشير التقارير إلى أن الجفاف قد أثر بشكل مباشر في المراعي الطبيعية، ما أدى إلى نقص حاد في الأعلاف وارتفاع أسعارها بشكل كبير، حيث زادت الأسعار بنسبة تتراوح بين 100 إلى 300 في المئة.

وتعد الأمراض التي تنتشر خلال فترات الجفاف من أكبر التهديدات للثروة الحيوانية في سوريا. ويعاني المربون من صعوبة تأمين الأدوية اللازمة لعلاج الحيوانات بسبب ارتفاع الأسعار، ما يزيد من خطر انتشار الأمراض بين الماشية.

ولف إلى أن التقديرات تشير إلى أن الجفاف قد أدى إلى تراجع أعداد الثروة الحيوانية بشكل ملحوظ. على سبيل المثال، فقدت المجتمعات الرعوية في شمال شرق سوريا حوالى 85 % من مواشيها، ما أثر في حياة 1.3 مليون شخص يعتمدون على تربية الحيوانات كمصدر رئيسي للعيش.

وتتجاوز آثار الجفاف تأثيره على الثروة الحيوانية لتشمل الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية. وتابع قائلاً: أدى تدهور الثروة الحيوانية إلى فقدان العديد من الأسر لمصادر دخلها، ما دفعها إلى بيع المواشي لتغطية احتياجاتها الأساسية، مثل الغذاء.

 

وعن السياسات المطلوبة للتعامل مع التحديات الاقتصادية الناتجة عن الجفاف قال: لمواجهة هذه الأزمة، يجب على الحكومة السورية والمجتمع الدولي اتخاذ خطوات عاجلة وشاملة، منها:

1. إطلاق برامج دعم للمزارعين: تقديم مساعدات مالية وتقنية للمزارعين المتضررين، بما في ذلك توفير بذور مقاومة للجفاف وتحسين أنظمة الري.

2. تعزيز إدارة الموارد المائية: الاستثمار في تقنيات حديثة لإدارة المياه، مثل إعادة تدوير المياه وتحلية المياه المالحة.

3. تنويع الاقتصاد الريفي: تشجيع الأنشطة الاقتصادية غير الزراعية في المناطق الريفية لتقليل الاعتماد على الزراعة كمصدر وحيد للدخل.

4. التعاون الدولي: طلب الدعم من المنظمات الدولية مثل برنامج الأغذية العالمي ومنظمات الإغاثة لتوفير مساعدات إنسانية عاجلة.

5. التخطيط طويل الأمد: وضع استراتيجيات وطنية للتكيف مع التغيّر المناخي، تشمل تعزيز الزراعة المستدامة واستخدام الطاقة المتجددة.

 

وختم محمد بالقول:

إن أزمة الجفاف في سوريا ليست مجرد تحدٍ بيئي، بل هي اختبار حقيقي لقدرة البلاد على الصمود في وجه التغيّرات المناخية. ويتطلب التعامل مع هذه الأزمة تعاوناً محلياً ودولياً، وجهوداً متكاملة لتخفيف آثارها على الأمن الغذائي والاقتصاد وسوق العمل. ومع أن التحديات كبيرة، إلا أن الإرادة السياسية والتخطيط السليم يمكن أن يفتحا آفاقاً جديدة نحو مستقبل أكثر استدامة واستقراراً لسوريا وشعبها.

وإن تأثير الجفاف على الثروة الحيوانية في سوريا هو تأثير مدمر، حيث يتسبب في تدهور المراعي، وانتشار الأمراض، وارتفاع تكاليف الأعلاف، ما يهدد الأمن الغذائي ويزيد من معاناة السكان.

ومن الضروري اتخاذ إجراءات عاجلة لدعم المزارعين والرعاة لمواجهة هذه الأزمة المتفاقمة.

محمد راكان مصطفى _ الوطن

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock