مقالات وآراء

شذوذ جنسي أم إعلامي؟!

يستنِد ما يُسمى «علم النفس التسويقي» إلى الكثير من العناصِر التي يجب على المنتِج اتباعها لضمانِ جذب المستهلك، من بينها طرح «التجارب الإيجابية للآخرين» التي تدفع المستهلك نحو المنتَج، قد يكون هذا المنتَج مادياً وقد يكون تسويقاً لأفكار تقتحم المجتمعات بالتدريج، ولعلَّ أهم فكرة مطروحة اليوم هي «الشذوذ الجنسي».

هناك من سيسأل: لماذا لم نقل «المثلية الجنسية»؟! بصراحة أنا لا أحب اللعب بالمصطلحات، هذا التلاعب هو من أوجد مثلاً ثلة من الجاهلين بمسمى «باحث إستراتيجي» أو «خبير تنموي» وهكذا لا يبدو مصطلح المثلية إلا بداية لهذا الاختراق الذي بدأ يأخذ مناحي خطيرة!

لعل من أهم مساوئ مواقع التواصل الاجتماعي هي تلك الفيديوهات التي تظهر لديك بشكلٍ مفاجئ إما لأن صديقاً كتبَ تعليقاً عليها أو لأنها مدفوعة، هذه الفيديوهات تُجبرك أحياناً على متابعتها تحديداً لشخصٍ لا يتابع التلفاز إطلاقاً ما خلا الأحداث الرياضية، لكن منذُ فترة ليست بالبعيدة لا تظهر أمامي إلا فيديوهات لحلقات برامج لبنانية يستضيف المقدمون فيها ضيوفاً لنقاش موضوع المثلية الجنسية، طبعاً ومن ضمن الضيوف ليسَ هناك أشخاص مختصون بعلمِ النفس أو ما شابه فحسب لكنّ هناك شاذين، بعضهم متزوج رسمياً من شريكه الشاذ، أعترف بأن هذهِ الفيديوهات سببت لي الكثير من الصدمة وتحديداً أن البرامج الثلاثة يقدمها إعلاميون هم وللأسف ضيوف دائمون على سورية!

غالباً ما يتم الخلط بين نقاش المشكلة والترويج لسبب هذهِ المشكلة، أن استضافة أشخاص كهؤلاء في برامج كهذه لتقديم حججهم لا يمكن وصفها إلا بالترويج على مبدأ «الترويجي لتجارب الآخرين»، حتى إذا استضفنا «محشش» في حلقة لنقاش مساوىء الحشيش فسيقدم لنا حججاً عن منافعها كشعوره بالاصطهاج وصوابية فعلته.

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، توسعتُ قليلاً بمشاهدة فيديوهات للبرامج ذاتها، لفتَ نظري فيديو لأحدها تستضيف فيه مقدمتهُ، التي تصنِّف نفسها على أنها من إعلاميات الصف الأول، «إنساناً ناطقاً»، حقيقةً استخدمت هذا المصطلح لأنني لم أعرف تماماً هل هو ضيف أم ضيفة؟ تمالكت نفسي لحجم القرف الناتج عن هذا الفيديو، وتابعت عدة دقائق لأفهم بأن هذا الشخص عبارة عن جسدٍ ذكر بسلوك أنثى، تتم استضافته وحيداً كأحد عظماء العالم الذين غيروا مسار الإنسانية ليروج لتجربته، ما الهدف حقيقة؟ المضحك أن مقدماً آخر استضاف «إنساناً ناطقاً» آخر واتهمه بأنه بشذوذهِ يبحث عن «التريند»، إذاً وماذا نسمي استضافتك له أنت وإعطاءه هذه المساحة ليطرح فيها مسوغاته النفسية والجسدية؟ ألستَ أنتَ ومن يستضيف أشخاصاً كهؤلاء، هو أيضاً باحث عن تريند؟

في الخلاصة: بصراحة أنا لا أستنظف ترويجاً كهذا بدواعي حق إبداء الرأي، من المؤسف الحال التي وصلَ إليها هذا الشذوذ الإعلامي، لكن من المؤسف أيضاً أن نبقى صامتين، هل حانَ الوقت لاعتبار الترويج للشذوذ هو الترويج ذاته للتطرف الإرهابي؟ هل حان الوقت لقوانين صارمة تحمي المجتمع من غزو كهذا ومن يروج له؟! هناك من سيقول هل الوقت مناسب لهذا الكلام ونحن نعيش مانعيشه من ضائقة؟ بالطبع جميعنا يتألم لما يعيشه المواطن السوري لكن لا علاقة لهذا بذاك، لنتذكر أن بعض الجمعيات الأوروبية بدأت منذ الآن بالترويج لفكرة اعتبار أصحاب الشذوذ تجاه مضاجعة الحيوانات أو المحارم ليسوا مرضى، هذا السياق مكمل ولن ينتهي، فهلاَّ انتبهنا؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock