سوريةسياسة

صعوبات عدة ستواجه اجتماع أستانا المقبل

يرتقب أن تعقد جولتان من المباحثات الخاصة بسورية خلال الشهر المقبل واحدة في إطار مسار عملية «أستانا» برعاية الترويكا الضامنة لهذه العملية وهي: روسيا وإيران وتركيا، والثانية في إطار عملية جنيف برعاية الأمم المتحدة، وسط توقعات بصعوبات ليست بالسهلة ستواجه الأولى نظراً لحساسية المواضيع التي ستبحث ما يتعلق بمذكرة إنشاء «مناطق تخفيف التصعيد» التي تمت الموافقة عليها في اجتماع أستانا السابق.

وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو وفي تصريحات له خلال «الساعة الحكومية» في مجلس النواب «الدوما» الروسي، منذ عدة أيام استبق اجتماع أستانا القادم، والمقرر في أوائل حزيران المقبل بالقول: «سيتعين على المشاركين في المفاوضات، المصادقة على الوثيقة الخاصة بالممرات الآمنة، التي يجب توسيعها حتى حدود مناطق تخفيف التصعيد». وذكر أن «عمق هذه الممرات الآمنة يجب أن يبلغ، حسب المقترحات الروسية، كيلومتر واح»، مضيفاً إن موسكو «تأمل في أن ينجح اجتماع أستانا القادم في تنسيق الخرائط بهذا الشأن».

ولعل الإشكال الأبرز الذي سيواجه المجتمعين في أستانا، هي أن عمق/ عرض الممرات الآمنة «ستكون موازية لمناطق سيطرة الدولة ومناطق سيطرة المسلحين» الذي سيفصل بين مناطق سيطرة الدولة السورية ومناطق تخفيف التصعيد، هل سيكون من ضمن الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة أم من الأراضي التي تسيطر عليها الميليشيات المسلحة، أما ستكون مناصفة.

ويعتقد أن الدولة السورية لن تقبل بأي حال من الأحوال أن تكون هذه المسافة من ضمن أراضيها خصوصاً في الأراضي التي توجد فيها كثافة سكانية لأنه في حال قبولها فإن ذلك يعني خساراته لمساحات كبيرة.

كذلك فإن الأمر ينطبق على الميليشيات المسلحة، ما يرجح أن تكون هناك مفاوضات شاقة وصعبة جداً على هذا الأمر، الذي يمكن أن تذهب فيه الأطراف إلى الاتفاق أن تكون تلك الممرات مناصفة من الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة والميليشيات، وقد يتم التوافق على صيغة معينة لتحديد هذه الممرات تبعا لميزان القوى على الأرض، علماً أن الجيش العربي السوري حقق مؤخراً انجازات مهمة في أحياء شرق العاصمة، أدت إلى إغلاق الإنفاق المؤدية إلى الغوطة الشرقية.

مسار «أستانا» الذي انخرطت به وبشكل كبير روسيا وإيران وتركيا، فضلت أميركا الابقاء على نفسها طرفاً مراقباً في هذه العملية، رغم الرفع من مستوى حضورها في الاجتماع الأخير التي تم التوقيع فيه على مذكرة «مناطق تخفيف التصعيد» التي تشمل إنشاء أربع مناطق مخففة التصعيد في محافظة إدلب، ريف حلب الغربي، غوطة دمشق الشرقية، جزء من ريف درعا الجنوبي.

الرفض الأميركي للانخراط بشكل اكبر في مسار أستانا رغم الدعوات الروسية يضع الكثير من إشارات الاستفهام حول الموقف الأميركي من هذه المذكرة ومسار أستانا بشكل عام وكل مفرزاته، ويوحي بأن واشنطن ترفض بشكل عام هذا المسار وما نتج عنه، وهو الأمر الذي سيشكل صعوبة أخرى أمام هذا المسار.

مشكلة أخرى يمكن أن تواجه مسار أستانا بشكل عام وهي السعودية التي رفضت أن تكون طرفا فيه ودعت لوقف إطلاق نار شامل وليس فقط في «مناطق تخفيف التصعيد» وربطت الحل في سورية ببيان جنيف وليس فقط بـالقرار 2254، ما يعني أن هناك إمكانية للتخريب على هذه المذكرة والمسار بشكل عام طالما أن الرياض تدعم ميليشيات مسلحة في العديد من المناطق التي تشملها المذكرة.

ومنذ يومين، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إنه: «فيما يتعلق بالبلدان التي ستدعى إلى توجيه عسكرييها أو شرطتها من أجل القيام بوظائف الرقابة والمرور في مناطق تخفيف التصعيد يجب عليها حتما أن تجري مشاورات بالدرجة الأولى مع حكومة الجمهورية العربية السورية»، مشيراً إلى أنه لا يمكن للأمور أن تجري خلاف ذلك لأن «الشيء الرئيسي في سير أعمال صانعي السلام هو الاتفاق مع البلد المضيف».

وهذا الأمر ربما لا يعجب بعض الدول مثل تركيا التي تعتبر من الدول الضامنة الأمر الذي سيشكل صعوبة تواجه تنفيذ المذكرة والمسار كله.

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock