عبد اللطيف يبحث في رواندا سبل الاستفادة من تجربتها في مجالات العدالة الانتقالية

قام وفد من الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية في سوريا برئاسة عبد الباسط عبد اللطيف، رئيس الهيئة بزيارة رسمية إلى رواندا، بهدف دراسة التجربة الرواندية في تجاوز آثار الإبادة الجماعية، وبناء السلام المجتمعي، وتعزيز التعاون مع المؤسسات الرواندية المعنية، بما يسهم في دعم مسار العدالة الانتقالية في سوريا، وترسيخ مفاهيم المصالحة الوطنية والسلم الأهلي.
وذكرت وكالة “سانا” أن الزيارة تأتي في إطار جهود الهيئة لتطوير أنموذج وطني يستند إلى التجارب الدولية الرائدة.
وفي إطار زيارته إلى رواندا، التقى الوفد مع باتريس أواسي السكرتير التنفيذي لمنظمة رواندا كوبريشن، في العاصمة الرواندية كيغالي، حيث جرى بحث سبل تعزيز التعاون الدولي وتبادل الخبرات.
واستعرض الجانبان خلال اللقاء الذي عُقد في مقر المنظمة، إمكانية تنظيم زيارات ميدانية للمؤسسات المعنية في رواندا للاستفادة من خبراتها في مجال العدالة الانتقالية.
يذكر أن منظمة رواندا كوبريشن، جهة حكومية تابعة لوزارة الخارجية والتعاون الدولي الرواندية، أحدثت بهدف تيسير تبادل الخبرات والمعارف والثقافات العلمية بين رواندا والدول الصديقة، والتنسيق في تنظيم الزيارات الرسمية وتخفيف العبء عن وزارة الخارجية.
وتعمل المنظمة وفق خطط خمسية استراتيجية، وتستقبل بانتظام وفوداً من دول عديدة للاطلاع على التجربة الرواندية في مجالات متعددة.
وفي سياق متصل، بحث عبد اللطيف والوفد المرافق مع السكرتير في وزارة المصالحة الوطنية والاندماج المجتمعي الرواندية إريك أويتونزي ماهورو سبل الاستفادة من التجربة الرواندية في مجالات العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، وذلك خلال اجتماع في العاصمة الرواندية كيغالي.
واطّلع الوفد على التجربة الرواندية في ملف المصالحة وبناء السلام بعد الإبادة الجماعية، حيث قدّم الجانب الرواندي عرضاً حول كيفية تجاوز المجتمع لآلام الماضي عبر الحوار، والاعتراف، والمساءلة، والمغفرة.
وأشار ماهورو إلى أنّ مرحلة ما قبل المصالحة كانت تتّسم بالانقسام والتحريض على الكراهية حتى في المدارس، وأنّ رحلة الشفاء بدأت من خلال الاستماع إلى قصص الضحايا ومنحهم المساحة للتعبير عن الألم والبحث عن الأمل.
وأكّد ماهورو أنّ العدالة في رواندا لم يكن هدفها العقاب فقط، بل بناء حياة جديدة تقوم على التعايش والأمان والعدالة، مضيفاً: إن الدولة تضمن اليوم لكل مواطن الشعور بالأمان والمساءلة وعدم تكرار المأساة.
وفي السياق ذاته، زار وفد الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية منظمة أيغيس ترست، إحدى أبرز المنظمات الدولية العاملة في مجال توثيق الإبادة الجماعية وبناء السلام.
وقدّم القائمون على المنظمة عرضاً حول تجربتهم في توثيق السردية التاريخية لضحايا الإبادة الجماعية في رواندا، حيث أسهمت المنظمة في إنشاء عدد من المتاحف التذكارية في مختلف المدن الرواندية، من أبرزها متحف كيغالي التذكاري، الذي يُعد مركزاً وطنياً لتخليد الذكرى والتعليم والتثقيف، ويضم أيضاً مدافن جماعية لضحايا الإبادة.
وأوضح ممثلو المنظمة أنّ الهدف من هذا العمل لا يقتصر على حفظ الذاكرة، بل يمتد إلى تعزيز ثقافة السلام ومنع تكرار الجرائم، وذلك من خلال برامج تعليمية وتوعوية تستهدف الأجيال الجديدة، إلى جانب تطوير منصات رقمية للأرشفة والتوثيق تتيح للباحثين والصحفيين الوصول إلى الشهادات والبيانات بسهولة.
وتعمل المنظمة على إنشاء نظام بحثي متكامل بالتعاون مع مؤسسات دولية متخصصة لاستقبال باحثين من مختلف دول العالم لإجراء دراسات حول مسارات العدالة، التوثيق، ومنع الإبادة الجماعية.
وفي إطار الزيارة، اطلع عبد اللطيف، والوفد المرافق خلال جولته في متحف الإبادة الجماعية بمدينة كيغالي الرواندية، على آليات التوثيق وحفظ الذاكرة الوطنية التي اعتمدتها رواندا في توثيق جرائم الإبادة الجماعية، وكيفية بناء السردية الوطنية الجامعة التي تضمن عدم نسيان ما حدث، وتُرسّخ ثقافة الوعي والسلام للأجيال القادمة.
واستمع عبد اللطيف إلى شرحٍ مفصّل حول الطرق التي تم اعتمادها في جمع الشهادات والأرشفة الرقمية والمادية للوثائق والصور والمقتنيات، والتي تُمثّل جزءاً من الجهود الوطنية لحماية الذاكرة الجماعية وتكريم الضحايا.
وأكد أعضاء الوفد أهمية هذه التجربة في مسار العدالة الانتقالية، باعتبار أنّ التوثيق وحفظ الذاكرة ركيزتان أساسيتان لضمان عدم تكرار المآسي، وبناء مستقبل قائم على الحقيقة والمصالحة.
وتأتي زيارة رئيس الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية والوفد المرافق، ضمن جهود الهيئة لتعزيز التواصل مع التجارب الدولية الناجحة، واستلهام الدروس التي تسهم في دعم مسار العدالة الانتقالية في سوريا.
وكالات