عبروا عن أمانيهم بالعودة الدائمة حال الاستقرار الاقتصادي.. تزايد القلق لدى اللاجئين السوريين مع فتح ألمانيا مجدداً ملف الترحيل

يزداد قلق اللاجئين السوريين في ألمانيا وأهاليهم في سوريا مع عودة ألمانيا فتح ملف الترحيل إلى سوريا، وذلك بعد أن شهدت الأخيرة تغيير الثامن من كانون الأول الماضي.
وتولد ذلك القلق في أوساط اللاجئين السوريين، مع تصريحات المستشار الألماني فريدريش ميرتس الأخيرة التي اعتبر فيها أن “الحرب في سوريا انتهت” وأن على السوريين “النظر في العودة إلى وطنهم”، وتعزز مع ازدياد الضغوط السياسية الداخلية في ألمانيا بفعل صعود اليمين المتطرف ومطالبته بسياسات هجرة أكثر تشدداً.
ومنذ تسلم الإدارة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع مقاليد الحكم في البلاد في أعقاب الإطاحة بحكم بشار الأسد البائد، تزايدت أعداد اللاجئين السوريين في الخارج الوافدين إلى البلاد. ومن العائدين من جاء بقصد الزيارة لعدة أيام أو أسابيع ومن ثم عاد، في حين عاد آخرون بشكل دائم.
وأعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الأسبوع الجاري عن عودة 1,208,802 لاجئ سوري إلى سوريا منذ 8 كانون الأول الماضي، معظمهم من تركيا ولبنان والأردن، مع أعداد أقل من دول أخرى بينها ألمانيا.
وقصد مئات آلاف السوريين ألمانيا منذ بداية الحرب التي شنها النظام البائد على الشعب في العام 2011.
(ر.ف) وهو شاب سوري في العقد الثالث من العمر جاء من ألمانيا في زيارة استمرت عدة أسابيع لرؤية أهله واستطلاع الأوضاع في البلاد إن تسمح بعودة دائمة.
يؤكد الشاب الذي قصد ألمانيا في العام 2012 هرباً من أداء الخدمة الإلزامية في جيش النظام البائد، في حديث شهدته “الوطن”، أن فرحة اللاجئين السوريين في ألمانيا بسقوط نظام الأسد لا يمكن وصفها، وقال “لقد انتهى كابوس الظلم”.
وأكد الشاب أن أمنيته هي العودة إلى البلاد والعيش بجانب أهله وإخوته وأقاربه. لكن (ر.ف) الذي يعمل في مهنة طلاء جدران المنازل والأبواب وتركيب ديكورات الجبس والجبسمبورغ، يرى أن “الأوضاع الاقتصادية والمعيشية لم تستقر بعد، وبالتالي فإن قرار العودة الدائمة حاليا لن يكون صائباً”.
ويضيف: “إن شاء الله مع بداية العام القادم تنطلق المشاريع الاستثمارية في البلاد ويصبح هناك عمل بأجور مرتفعة تمكن الأسر من العيش في مستوى متوسط على الأقل وعندها سأعود”.
(ر.ف) يبدي مخاوف كبيرة من تصريحات المسؤولين الألمانيين الذين تحدثوا فيها عن سياسات جديدة تجاه اللاجئين السوريين منها الترحيل. ويقول: “معظم اللاجئين السوريين يهجسون في تلك التصريحات. نعم هناك تغير في سوريا ولكن فرص العمل مازالت قليلة جداً والأجور منخفضة للغاية لا تتناسب مع متطلبات العيش، والحكومة السورية الجديدة مشكورة تعمل على تحسين مستوى المعيشة وبالتالي السياسات الألمانية الجديدة تجاه اللاجئين السوريين ليست في مكانها ونتمنى أن يعيدوا النظر فيها”.
والد (ر.ف)، يؤيد ابنه فيما ذهب إليه. ويقول والفرحة تغمره برؤية ابنه بعد غياب دام 12 عاماً: “هناك (في ألمانيا) يحصل على أجر محترم يعيش منه مع أفراد عائلته، ويساعدنا هنا أيضاً. حالياً إذا عاد ربما يجد عملاً ولكن أجره لن يكفي عائلته فقط”. ويضيف : “الأحب إلى قلبي أن يعود ويعيش بجانبي وعندما يتحسن الوضع الاقتصادي لن أسمح له بالبقاء هناك”.
في المقابل، هناك لاجئون سوريون في ألمانيا عادوا عودة دائمة إلى وطنهم بعد سقوط نظام الأسد البائد. من هؤلاء (أ.ع) البالغ من العمر نحو 60 عاماً الذي أعرب عن سرور كبير بعودته ليعيش ما تبقى من عمره في وطنه الذي غادره مع أولاده إلى ألمانيا مجبراً في العام 2012 بسبب ممارسات النظام البائد من قتل واعتقالات وإذلال ومصادرة أملاك.
يوضح الرجل، أنه فضل بقاء أولاده الثلاثة في ألمانيا للعمل هناك “من أجل تأمين معيشة عائلاتهم ومعيشته هو في سوريا لأن الأوضاع المعيشية والاقتصادية هنا مازالت صعبة للغاية”، ويضيف: “أؤكد أنني لا أرغب في أن أعيش أنا وأولادي في بلد آخر ولكن لا يوجد لدينا خيار آخر”.
ومن وجهة نظر (أ.ع) فإن الحكومة الألمانية في حال طبقت سياسة الترحيل ، فإن ذلك سيكون فيه “إجحاف وظلم ليس للاجئين فقط بل لآلاف العائلات التي تعيش من الحوالات المالية التي يرسلونها، وبالتالي نتمنى على السلطات الألمانية عدم السير في سياسات كهذه أفقدت اللاجئين السوريين هناك النوم”.
وأظهرت بيانات حكومية حديثة أنّ ألمانيا كثّفت بشكل ملحوظ وتيرة عمليات الترحيل خلال الفترة منذ كانون الثاني، إذ تم ترحيل أكثر من 17,600 شخص، ما يمثل زيادة بنحو 20بالمئة مقارنةً بالفترة ذاتها من العام الماضي.
وذكرت تقارير أن ألمانيا تشهد منذ بداية العام 2025 تحوّلاً واضحاً في حركة اللاجئين السوريين، سواء من حيث تدفق الوافدين الجدد أم من العائدين إلى سوريا، في ظل سياسات تشدد على تنظيم الهجرة وتشجيع العودة الطوعية.
وأصدر مكتب الإحصاء الاتحادي في مدينة فيسبادن تقريراً أشار إلى تراجع أعداد السوريين الوافدين إلى ألمانيا بنسبة 46.5 بالمئة خلال العام الجاري، مقابل ارتفاع عدد العائدين إلى بلادهم بنسبة 35.3 بالمئة.
وسجّل التقرير أيضًا انخفاضاً ملحوظاً في طلبات اللجوء بنسبة 67 بالمئة إذ بلغت نحو 19,200 طلب حتى أيلول 2025 مقارنة بـ 58,400 طلب في الفترة نفسها من عام 2024.
في المقابل، ارتفع عدد السوريين الذين غادروا ألمانيا بنسبة 35,3 في المئة ليصل إلى 21 ألفاً و800 شخص، بعدما كان 16 ألفاً و100 خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
وأوضحت البيانات أن صافي الهجرة تراجع إلى 18 ألفاً و100 شخص فقط، بعدما بلغ 58 ألفاً و500 في الأشهر التسعة الأولى من عام 2024.
الوطن