علبي: سوريا تدخل مرحلة الدولة الحديثة وسيادة القانون بدعم دولي متنام
ناقش مجلس الأمن الدولي تطورات الأوضاع في سوريا، في ظل مرحلة جديدة تشهدها البلاد على المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية، وسط تأكيد دولي متزايد على دعم الاستقرار وتعافي مؤسسات الدولة، وتهيئة الظروف اللازمة لإعادة الإعمار وعودة اللاجئين، مع التشديد على احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها.
وفي هذا السياق، أكد مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة إبراهيم علبي خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي حول الوضع في سوريا، أن دمشق تمضي بثبات نحو بناء دولة القانون والتنمية المستدامة، مستندة إلى المشاركة المجتمعية، وصون مؤسسات الدولة، وتعزيز الأمن والاستقرار، بما يرسخ مكانتها الإقليمية والدولية ويحقق تطلعات السوريين إلى مستقبل مزدهر وآمن.
وقال علبي، إن سوريا تفخر بأن صوت المجتمع المدني السوري وصوت المرأة السورية، باتا مسموعين في سوريا الجديدة، مشيراً إلى أن بيانات دول مجلس الأمن خلال الجلسة عكست وحدة الموقف الدولي في دعم سوريا على طريق البناء والمضي قدماً نحو المستقبل.
وأوضح علبي أنه مع لحظة تحرير دمشق أُعلن طي صفحة الاستبداد، مع الحفاظ على مؤسسات الدولة، والانطلاق بعزم وإرادة نحو بناء دولة القانون وتحقيق التنمية والازدهار، لافتاً إلى أنه على المستوى السياسي الوطني تم تجنب الفوضى، وبدء عملية سياسية بقيادة سورية للمرحلة الانتقالية بصورة مسؤولة ومنظمة.
وعلى المسار الأمني، بيّن علبي أن العمل تركز على إعادة هيكلة وزارة الداخلية وفق أسس عصرية، إلى جانب الانطلاق بتأسيس جيش وطني احترافي، وحصر السلاح بيد الدولة، بما يعزز الأمن والاستقرار في مختلف المناطق.
وأشار مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة، إلى أن جميع وزارات الدولة ومؤسساتها في سوريا الجديدة تعمل كخلية نحل للارتقاء بالواقع المعيشي والخدمي، وتحسين مستوى الخدمات المقدمة لجميع السوريين، مؤكداً أن سوريا الجديدة لا تقوم على مبدأ الإفلات من العقاب، بل على سيادة القانون والمساءلة.
ولفت علبي إلى أن سوريا شهدت خلال العام الفائت تطوراً ملموساً، تمثل بعودة أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ ومهجر إلى ديارهم، في مؤشر واضح على تحسن الأوضاع الأمنية، واستعادة الثقة بالدولة ومؤسساتها.
وأوضح أن الجهود الدبلوماسية السورية، إلى جانب تضحيات السوريين والسوريات، نجحت في طي صفحة العقوبات الأمريكية والأوروبية بشكل نهائي وإلى غير رجعة.
وأكد علبي أنه في إطار التزام سوريا بالأمن الإقليمي والدولي، تم وضع حد لآفة المخدرات التي أغرق بها النظام البائد المنطقة، والعمل على تفكيك شبكات التهريب بالتعاون مع دول الجوار، مشيراً إلى أن سوريا انضمت إلى التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، وأوفت بالتزاماتها في مجال مكافحة الإرهاب، مؤكدة أنها لن تكون مصدر تهديد لأي دولة.
وفي ختام كلمته، شدد علبي على أنه في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة السورية والمجتمع الدولي إلى تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط، تواصل إسرائيل مساعيها لزعزعة هذا الاستقرار، من خلال انتهاك اتفاق فض الاشتباك لعام 1974، وعدم الالتزام بالقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن، رغم التزام سوريا الكامل بهذه القوانين والقرارات.
بدوره، جدد مندوب الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة عمار بن جامع، التزام بلاده الكامل بالوقوف إلى جانب سوريا وشعبها، ودعم العملية السياسية بملكية سورية خالصة، وصون سيادة سوريا وسلامة أراضيها، مشدداً على ضرورة حشد التضامن الدولي لتمكين السوريين من إعادة إعمار بلدهم.
وأوضح بن جامع في كلمته أن سوريا دخلت فصلاً جديداً يتسم بالأمل والحرية والازدهار، لافتاً إلى أن زيارة أعضاء المجلس إلى دمشق حملت رسالة تضامن واضحة مع الشعب السوري، كما شدد على أن المصالحة والعدالة الانتقالية هما الطريق لتجاوز العنف.
وأشار بن جامع إلى أن التوغلات الإسرائيلية الأخيرة في الأراضي السورية تشكل مصدراً لزعزعة الاستقرار وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، مديناً الهجمات التي شنتها إسرائيل بمسيرات على قرية بيت جن بريف دمشق وأدت إلى استشهاد 13 شخصاً، ودعا إلى التنفيذ الكامل لاتفاق فض الاشتباك لعام 1974، مؤكداً أن الجولان السوري المحتل جزء لا يتجزأ من سوريا بموجب قرار مجلس الأمن رقم 497.
إلى ذلك، أكدت نائبة مندوبة الولايات المتحدة جينيفر لوسيتا أن واشنطن تبذل كل الجهود لضمان استقرار سوريا وازدهارها، مشيرة إلى أن رفع بعض العقوبات الأمريكية جاء بهدف تشجيع قطاع الأعمال ومنح البلاد فرصة حقيقية لإعادة الإعمار.
بدوره، أعرب نائب مندوب بريطانيا جيمس كاريوكي عن قلق بلاده من استمرار الهجمات الإسرائيلية في سوريا وما تسببه من زعزعة للاستقرار، مؤكداً أن الوفد الأممي لمس خلال زيارته إلى دمشق رسالة واضحة من السوريين لبناء بلد أكثر أمناً واستقراراً، مرحباً بالعلاقة المتنامية بين الأمم المتحدة وسوريا.
من جانبه، أكد مندوب فرنسا جيروم بونافون استعداد بلاده لمساعدة سوريا في مواجهة تنظيم داعش، مشدداً على أهمية استمرار الدعم السياسي والإنساني والتنموي وإعادة الإعمار.
كما أشار مندوب الصين فو تسونغ، إلى الجهود الدولية الكبيرة لدعم الاستقرار في سوريا، معرباً عن أمل بلاده في أن تستعيد سوريا عافيتها الاقتصادية، مجدداً الدعوة إلى احترام وحدة وسيادة الأراضي السورية، واستعداد الصين لمواصلة التعاون الدولي لدعم السلام والاستقرار.
من جهته، اعتبر نائب مندوب روسيا ديميتري بوليانسكي، أن زيارة وفد مجلس الأمن إلى دمشق تعكس احترام المجلس لسيادة سوريا ووحدة أراضيها، مؤكداً ضرورة الحفاظ على سوريا دولة موحدة عبر استمرار الحوار بين جميع الأطياف، كما أدان الانتهاكات الإسرائيلية، داعياً تل أبيب إلى الالتزام بقرار فض الاشتباك لعام 1974 والانسحاب من الأراضي التي توغلت فيها.
وفي السياق ذاته، قالت مندوبة الدنمارك كريستينا ماركوس لاسن: “إن العلاقة بين الأمم المتحدة والشعب السوري دخلت مرحلة جديدة بعد زيارة الوفد الأممي، مشيدة بالإنجازات التي حققتها الحكومة السورية.
بدورها، وصفت مندوبة اليونان أغلايا بالتا، الزيارة بأنها تاريخية، مؤكدة أن طريق تعافي سوريا يتطلب دعماً دولياً، مشيرة إلى مساهمات بلادها المالية في هذا الإطار.
كما اعتبر نائب مندوب باكستان عثمان جادون أن رفع العقوبات وتوجيه الاستثمارات إلى سوريا يمثلان خطوات أساسية نحو التنمية المستدامة، داعياً إسرائيل إلى احترام قرار فض الاشتباك لعام 1974.
وأشاد نائب مندوب كوريا الجنوبية سانغ جين كيم بتعاون سوريا مع المجتمع الدولي ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، داعياً إلى استمرار الدعم الدولي لمواجهة التحديات الإنسانية وتحقيق التعافي المبكر.
واختتم نائب مندوب بنما ريكاردو موسكوسو بالتأكيد على أن سوريا بدأت كتابة فصل جديد من تاريخها، وأن انفتاحها على العالم يتطلب إرادة سياسية دولية متجددة لدعم إعادة اندماجها ورفع العقوبات عنها.
من جانبه، رأى مندوب سلوفينيا صامويل زبوغار، أن سوريا يجب أن تكون مركزاً للاستقرار في المنطقة، وهو ما يتطلب دعماً من جيرانها والمجتمع الدولي.
من جهتها، أكدت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام روز ماري ديكارلو أن دعم الاستثمارات يشكل ركناً أساسياً في مسار تعافي سوريا وإعادة إدماجها اقتصادياً، مشيرة إلى أن الانفتاح الدولي وتخفيف بعض العقوبات الثنائية يفتحان المجال أمام استثمارات ضرورية لمرحلة إعادة الإعمار، التي تتطلب وقتاً وإرادة سياسية.
وحذرت ديكارلو من أن التوغلات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية تزيد التوترات الأمنية، داعية إسرائيل إلى احترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها، كما كشفت عن عودة أكثر من مليون لاجئ من الخارج ومليوني نازح داخلياً إلى بيوتهم، مؤكدة أن الشعب السوري لا يزال متمسكاً بالأمل ومستعداً لمواجهة التحديات بدعم من الأمم المتحدة.
بدورها، أكدت مساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية جويس مسويا، أن سوريا قطعت أشواطاً كبيرة للاندماج في المجتمع الدولي، مشددة على ضرورة أن يعمل المجتمع الدولي على مساعدة النازحين لضمان استمرار عودتهم إلى منازلهم.