عملية أمنية نوعية تعيد رسم معادلة مكافحة الإرهاب في سوريا

لم تكن العملية الأمنية النوعية التي نفّذتها الأجهزة الأمنية السورية، بالتنسيق الاستخباراتي مع التحالف الدولي، حدثاً أمنياً عابراً، بل شكّلت محطة سياسية وأمنية مفصلية أعادت تثبيت موقع الدولة السورية كفاعل أساسي وموثوق في معركة مكافحة الإرهاب.
فالقبض على متزعم تنظيم “داعش” في دمشق، الملقّب بـ“والي دمشق”، وتحييد ما يُسمى “والي حوران”، يؤكدان أن الدولة السورية تخوض هذه المعركة بقرار سيادي لا تراجع عنه، وبأدوات استخباراتية وأمنية عالية الاحتراف.
تكمن أهمية هذه العملية في بعدها المزدوج: فهي من جهة توجه ضربة قاصمة لبنية تنظيم “داعش” الذي حاول في الآونة الأخيرة إعادة رفع رأسه عبر عمليات إجرامية استهدفت المدنيين وعناصر الجيش والأمن، ومن جهة أخرى تسحب الذريعة التي لطالما تشدّقت بها ميليشيا “قسد” باعتبارها الطرف الوحيد الذي يقاتل التنظيم الإرهابي.
فالوقائع الميدانية اليوم تقول بوضوح: إن الدولة السورية، وليس أي كيان خارجها، هي الطرف الأقدر والأكثر جدية في تفكيك شبكات الإرهاب وضرب قياداته.
كما أن التنسيق الاستخباراتي مع التحالف الدولي في هذه العملية يوجّه رسالة سياسية بالغة الدلالة: سوريا شريك جاد في الحرب على الإرهاب، وقادرة على العمل المشترك وفق قواعد واضحة تحترم سيادتها ودورها المركزي. وهذا ما أكدته وزارة الداخلية عبر سلسلة عمليات استباقية، تجاوزت الملاحقة إلى الضبط والاعتقال وتفكيك الأوكار ومصادرة الأحزمة الناسفة والأسلحة.
في المقابل، تكشف هذه النجاحات الأمنية هشاشة ادعاءات “قسد” التي استثمرت ورقة “داعش” لتبرير وجودها وسيطرتها على مناطق واسعة شرق الفرات، في حين أثبتت التجربة أن هذا الوجود لم يحقق استقراراً حقيقياً، بل ساهم في إطالة أمد الفوضى.
إن ما جرى في ريف دمشق بالمعضمية والبويضة يؤكد أن قرار الدولة السورية بمحاربة الإرهاب قرار نهائي لا عودة عنه، وأن بسط سيادة الدولة على كامل الجغرافيا السورية يبقى الشرط الأساس لإنهاء هذا التهديد.
ومع كل عملية نوعية، تتراجع أوهام الكيانات الخارجة عن الدولة، ويتكرس واقع جديد عنوانه: سوريا في قلب معركة مكافحة الإرهاب، لا على هامشها، وهي الضمان الوحيد للحفاظ على أمن السوريين واستقرارهم.
الوطن