عودة الدولة إلى السويداء ليس خياراً سياسياً بل ضرورة وطنية وأمنية

تشهد محافظة السويداء منذ سنوات حالة من الفوضى والتوتر الدائم، نتيجة غياب مؤسسات الدولة عن المشهد المحلي، الأمر الذي أفسح المجال أمام بعض المجموعات المسلحة لفرض نفسها بقوة السلاح، وتغذية خطاب الانقسام والتمرد، على حساب أمن المواطنين واستقرارهم.
إن عودة الدولة بكل مؤسساتها إلى المحافظة لم تعد خياراً سياسياً، بل أصبحت ضرورة وطنية وأمنية وإنسانية، لضمان استقرار السويداء وأمن أهلها، وتوفير الخدمات الأساسية لهم، كما هو حال باقي المحافظات السورية. فالتجربة أثبتت أن أي منطقة تُرفع عنها سلطة السلاح غير الشرعي، يعود إليها الأمن تدريجياً، وتبدأ عجلة الحياة بالدوران من جديد، كما حصل في صحنايا وجرمانا بعد خروج المجموعات المسلحة منهما.
من حق أبناء السويداء أن ينعموا بالأمان، وأن يعيشوا تحت راية القانون، لا تحت سطوة المليشيات التي سرقت مؤسسات المحافظة، وعطّلت الخدمات، وفرضت أجنداتها على حساب الناس وكرامتهم، ومن حقهم أيضاً أن يُسمع صوتهم الحقيقي، البعيد عن منطق التحريض الطائفي الذي يُراد من خلاله تصوير السويداء كمنطقة خارجة عن الدولة، وهو أمر لا يرضى به الأغلبية الساحقة من أهلها.
من المؤسف أن تستغل بعض الجهات الدينية نفوذها وشعاراتها في خطاب طائفي يهدف فقط إلى حماية مصالح ضيقة، في وقت يتطلب فيه الظرف الوطني التكاتف، لا التفرقة، والعمل على الخروج من الأزمة لا تعميقها.
لا يمكن تجاهل حقيقة أن ما يجري يخدم مصالح قوى أخرى، مثل عصابات الكبتاغون، التي لا تريد للسويداء الاستقرار، وتجد في الفوضى بيئة مثالية لتهريبها ونفوذها، مستفيدة من تواطؤ بعض الميليشيات المحلية.
كما أن الرهان على الخارج أصبح مكشوفاً، فالأطراف الدولية لا تحمل مشروعاً حقيقياً لحماية الناس أو دعمهم، وتجربة التخلي الأميركي عن “قسد” كانت الدرس الأوضح في هذا السياق.
إن خلاص السويداء يبدأ من إجماع وطني داخل المحافظة، يقوده أبناؤها الشرفاء، ويرتكز على الوقوف بوجه كل من يعطّل عودة الدولة، ويرفض الاحتكام للقانون، فالدولة بكل ما تمثل من مؤسسات وقانون، هي الضمان الوحيد لوحدة السويداء، وأمنها، وتنميتها، وخلاصها من الفوضى.
الوطن