فجر نقد جديد.. إطلاق ليرة قريبة من القلب يطوي صفحة الماضي

في لحظة تاريخية شهدها قصر المؤتمرات بدمشق، لم يكن إطلاق العملة السورية الجديدة إجراءً مالياً تقنياً فحسب، بل كان بياناً سياسياً واقتصادياً بامتياز. حيث اجتمعت واقعية الرئيس أحمد الشرع مع هندسة حاكم المصرف المركزي عبد القادر حصرية، ليتم إعلان أفول مرحلة لا مأسوف عليها، وتدشين عهد الليرة التي تبحث عن مسكنها في القلوب والجزدان.
رموز الأرض بديلاً من تقديس الأشخاص
تحول فلسفي لهوية الليرة السورية، كشف عنه الرئيس الشرع وأوضح الرؤية خلف تصميم الأوراق النقدية الجديدة. فقد انتهى نهج تقديس الأشخاص لتغرس الليرة الجديدة جذورها في أحضان الجغرافيا السورية الشاملة؛ وأثمرت محاصيل الاستراتيجية لتكون رموز اً وطنية جامعة تزيّنت بها فئات العملة الجديدة.
بكلمات واضحة قال الرئيس: “الأشخاص يذهبون ويأتون، والجغرافيا باقية.. أردنا رموزاً أكثر صلة بالمواطن”.
تبسيط للتعاملات لا عصا سحرية
بشفافية اقتصادية لافتة
وضع الرئيس الشرع النقاط على الحروف فيما يخص حذف الصفرين حيث وصف هذا الإجراء بعملية جراحية دقيقة تهدف لتسهيل التداول اليومي، موضحاً أن نزع الأصفار لا يعني تحسين الاقتصاد تلقائياً، بل هو وسيلة للتعامل، وأن التحسن الحقيقي يرتكز على الإنتاج وترميم القطاع المصرفي الذي فقد ثقة المواطن على مدار ٥٠ عاماً وخاصة خلال السنوات الـ14 الماضية.
العملة عادت إلى “الجزدان” الأقرب للقلب
من جانبه، رسم حاكم مصرف سورية المركزي، عبد القادر حصرية، وصفاً وجدانياً للمشهد التقني، وقال: العملة الجديدة أعيدت إلى مكانها الطبيعي في جزدان المواطن، لتكون أقرب إلى القلب.
الحصرية أكد أن المركزي اليوم يعمل ليكون ركيزة للاستقرار.
ووجه الشكر للرئيس الشرع الذي دعم مشروع تبديل العملة من اللحظة الأولى وأن المرسوم منح المركزي تفويضاً وصلاحيات كاملة تضمن سلاسة الاستبدال دون المساس بقيمة مدخرات السوريين.
مواجهة “المخاطر” بالثقافة الجديدة
وعلى الصعيد الإجرائي، كشف الحاكم عن وجود “مصفوفة مخاطر” وجاهزية تامة للتعامل مع أي ارتباك قد يطرأ، مؤكداً ضرورة الالتزام من قبل القطاع التجاري بعرض مزدوج للأسعار (بالقديم والجديد) لضمان الشفافية ومنع الاستغلال.
ووجه نداء للصرافين بضرورة التنسيق الكامل والالتزام بتعليمات المفوضية لضبط إيقاع السوق.
وطلب من المواطنين: الطمأنة الكاملة بوجود مهل زمنية كافية وآليات استبدال مريحة ومضمونة.
تجريم المضاربة.. و”أكشن” التحديات
لم يغب عن حديث الرئيس الشرع الدعوة لثقافة جديدة تجرم المضاربات الوهمية التي قد تبرز خلال مرحلة التبديل. وفي لحظة انقطاع التيار الكهربائي العابرة أثناء الجلسة، أظهر الرئيس تفاؤلاً بتعليقه: “لا نستطيع أن نعيش دون أكشن”، في إشارة إلى أن التحديات وقود العمل لبناء سورية الجديدة.
ليرتنا.. هويتنا
انتهت فعاليات الاحتفال لتبدأ مرحلة الاختبار الحقيقي؛ فـ “ليرة الثقة” ليست مجرد ورق نقد، بل هي مشروع وطني هدفه أن يعيد العملة المحلية كركيزة للسيادة والاقتصاد.
محمد راكان مصطفى