قطاع الأعمال هو الذي يقود المصارف وليس العكس.. رجال الأعمال سيجبرون المصارف على تطوير خدماتها

بعد أكثر من عقدين من العزلة المصرفية وانقطاع خطوط التواصل المالي مع العالم، تشهد الأسواق السورية خلال العام الأخير محاولات واضحة لإعادة تفعيل القنوات المصرفية الدولية، مع عودة البنوك تدريجياً إلى الواجهة بعد التحرير. ورغم أن هذه العودة تُقدَّم في الخطاب العام بوصفها “انفراجاً واسعاً”، إلا أن الواقع – كما يشير الخبراء – أكثر تعقيداً وأبعد ما يكون عن الصورة الوردية. فالمصارف تعود اليوم بخطوات متواضعة، محكومة بالتحديات المتراكمة والانهيارات السابقة، لكنها في الوقت نفسه تمثل نافذة حقيقية لبداية مسار مختلف إذا ما تم التعامل معها بواقعية ووعي اقتصادي.
وحول ذلك أكد د. والخبير الاقتصادي محمد كوسا في حديثه لـ”الوطن” أن الخطوات الأخيرة toward إعادة ربط النظام المصرفي السوري بمنظومة SWIFT تمثل منعطفاً اقتصادياً مهماً مشيراً إلى أن تنفيذ أول التحويلات الدولية وبدء خطط إعادة الهيكلة وتحسين الامتثال يؤشران إلى مرحلة جديدة من إعادة الاتصال المالي مع العالم.
وشدّد د. كوسا على أن ما يجري حتى الآن لا يمكن اعتباره عودة كاملة للنشاط المصرفي، بل هو “عودة فنية حيث تستعيد المصارف أدوات الاتصال الدولي دون امتلاك القدرة التشغيلية الكاملة من حيث السيولة أو الثقة أو الاستقرار النقدي.
الانعكاس الأولي… نفسي أكثر من كونه مالياً
وأوضح أن هذه العودة ستترك في البداية أثراً نفسياً على بيئة الأعمال والسوق، قبل أن تتحول إلى تأثير مالي مباشر، مؤكداً أن الحركة التجارية الحقيقية تحتاج إلى قدرة تمويلية حقيقية وليس مجرد ارتباط تقني بالمنظومات العالمية.
ماذا يعني هذا لقطاع الأعمال؟
وبيّن كوسا أن استمرارية هذه الخطوات قد تنعكس على قطاع الأعمال عبر:
_تسهيلات أعلى في الاستيراد والتصدير.
_تحويلات مالية رسمية أسرع وبكلفة أقل.
_تحسن تدريجي في الثقة الاستثمارية.
_بداية خروج من الاقتصاد الموازي والاعتماد على الطرق غير الرسمية.
لكنه أكد أن جميع هذه الآثار ستكون تدريجية وبطيئة.
قطاع الأعمال سيقود المصارف… وليس العكس
وأضاف أن التغيير الحقيقي سيبدأ من قطاع الأعمال نفسه، موضحاً أن الشركات عندما تعود إلى استخدام القنوات الرسمية ستجبر المصارف على تطوير خدماتها وتسريع تحوّلها، قائلاً:
الأعمال هي التي ستسحب البنوك إلى الأمام، وليس العكس. مشيرا إلى أن الفرصة اليوم متاحة أمام الشركات القادرة على وصل التجارة السورية بالخارج مبكراً، حيث ستحصل على ميزة تنافسية قبل تشكل الازدحام في السوق.
بداية نهاية العزلة
وختم د. كوسا حديثه بالقول: ما يحدث اليوم ليس عودة كاملة للنشاط المصرفي، لكنه دون شك بداية نهاية العزلة. وإذا أحسن قطاع الأعمال استثمار هذه اللحظة، فقد يتحول التحسن التدريجي إلى قفزة اقتصادية أسرع بكثير مما هو متوقع، وهذا مرهون بقدرة قطاع الأعمال على قراءة دوره الحقيقي في المجتمع والاقتصاد.
هناء غانم