العناوين الرئيسيةمنوعات

“كل عارٍ وأنتم بخير” للأخوين ملص.. والعودة إلى الإنسانية المجردة

تحت رعاية وزارة الثقافة، احتفت خشبة مسرح القباني بعرض مسرحي للأخوين ملص، حمل اسم “كل عارٍ وأنتم بخير”.
العرض الذي قام الأخوان محمد وأحمد ملص بتأليفه وتمثيله وإخراجه، انطلقت فكرته مع اندلاع الثورة السورية عام 2011، في مسرح الغرفة، ثم توقف مع قمع النظام البائد لكل الأعمال الثقافية التي ترتكز على الحرية والكرامة، لكن العرض ظل متواصلاً خارج سوريا طوال تلك المدة، ليعود إلى بلده بعد التحرير.
في غرفة بسيطة، وبألحان هادئة في أحد أيام العيد، تنبثق المسرحية بشخصيها الجندي “نزار” الذي يعتمد على اللهو والضحك والفرفشة سبيلاً للهروب من الأوقات العصيبة التي يواجهها في حياته العسكرية، والتي طحنته بحبٍ آخر لم ير النور بعد، والمثقف “يوسف” الذي يوظف دقائق حياته كلها للشعر والأدب المعجون بألم حب لم يكتمل، فبقي وحيداً متشبثاً بمبادئه.
ومن خلال أحاديثهما، تُنسج هموم الشعب المنهك، كرباط مشترك بينهما، يلهث وراء ارتفاع الأسعار، وفقدان أو ندرة الغاز والمازوت، والمواصلات وغلاء مواد المعيشة، نعيش أحلام الشباب المتكسرة على صخرة الواقع الأسود، كما تتكسر فرحة العيد بالقهر والغصات والاكتئاب.
وتبلغ حبكة المسرحية ذروتها حين يقرران قتل بعضهما، لكنهما لا يستطيعان، لينسدل الستار بصراخ تحذيري، ممزوج بالهلع، من سنوات القتل والدمار التي عانت منها سوريا: “كيف بدي اقتلك وتقتلني؟ شوف دمك وتشوف دمي، هون بالمكان يلي أكلنا وفرحنا ورقصنا وضحكنا ونمنا وفقنا فيه”، فيعودان لإنسانيتهما المجردة، ويجلسان بجانب بعض، برفقة: “ما أحلى أن نعيش في خير وسلام”.
وفي تصريح خاص لـ”الوطن”، أكد محمد ملص أن مهمة الفن تكمن بطرح الأسئلة بعيداً عن تقديم الإجابات، معتبراً العرض جرس إنذار لتنبيه المتلقي إلى ذاك الذي افترض أننا لا نكرر أخطاءنا مرات عديدة ولا نقع في مشاكل متكررة.
وأشار إلى أنهما جمعا التناقضات ووضعاها في مكان واحد، لنتكشف إن كان بإمكاننا العيش معاً، وهل يمكن أن نكون أصحاب كلمة وقرار، بحيث إن وقعنا في مشاكل لن ينقذنا أحد ولن نجد معيناً لنا، بل علينا إنقاذ أنفسنا بأنفسنا.
ورأى أن علينا أن نكون يقظين وحذرين وأن نقف يداً واحدة، الشعب والسلطة، إذ لا بد أن نكون معاً كي نستمر. منبّهاً أن العرض حرص على طرح هذه الفكرة بطريقة غير مباشرة لرصد تناقض الأفكار، طارحاً السؤال: هل يمكن أن نستمر معاً رغم الانكسارات والهزائم والخيبات؟ وهل يمكننا العيش معاً؟
وكشف أنهما شاركا في عروض مسرحية وسينمائية في فرنسا واليابان، لأنهما أصحاب مشروع ولديهما شيء ما بداخلهما يريدان أن يترجماه للآخرين، وهو بطبيعة الأمر حال أي فنان.
وأضاف: “لدينا مشاريع نسعى فيها لطرح الأسئلة التي تراودنا بشكل دائم، وهو ما جعلنا في الوقت ذاته كتّاباً وممثلين ومخرجين، وهذه الحالة الفنية تتجه أحياناً إلى المنحى الروائي أو الحالة الشاعرية في الفن المسرحي، مع ضرورة حضور الكوميديا السوداء التي يحتاجها الجمهور بشكل دائم”.
وأشار الأخوان ملص إلى أن وزارة الثقافة قدمت التسهيلات اللازمة لعرض العمل في مسرح القباني الذي سيليه عرض في معظم المحافظات السوريّة لاحقاً، إضافة إلى بعض ورشات العمل التدريبية على الطريقة الباريسية من أجل التعرف على المسرح مع مجموعة من الشباب، وستكون أولى الورشات في دمشق بعد انتهاء العرض ثم الانتقال إلى باقي المحافظات.

الوطن – مصعب أيوب

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock