محلي

“كورونا” والسوريون: اختبار أنماط حياتية جديدة

أجبر فيروس كورونا المستجد السوريين على تجريب أنماط حياة جديدة على صعيد عملهم وعلاقاتهم الاجتماعية والكثير من العادات والتقاليد والأعراف التي اتبعوها خلال سنين طويلة خلت، احتوت الأنماط الجديدة على الإيجابي والسلبي، منها ما أحبوه وما افتقدوه مما سيدفعهم للقيام بعملية انتقائية لتنميط حياتهم ما بعد كورونا وفق ما اختبروه خلال فترة الحظر التي فرضت عليهم.

يختلف نمط الحياة الجديد الذي اختبره السوريون خلال فترة الحظر بين الريف والمدينة نظراً لاختلاف نمط الحياة في المكانين بالأساس قبل الحظر، فقد شكل الإغلاق عند الساعة السادسة مساء من كل يوم فرصة لأهالي الريف بضبط علاقاتهم الاجتماعية وتنظيمها أكثر حيث باتت قريبة من نظام حياة المدن.

كذلك فإن الإغلاق العام يومياً عند الساعة السادسة مساء ويومي الجمعة والسبت عند الساعة الثانية عشرة ظهراً، أتاح للسوريين وقتاً إضافياً لممارسة نشاطات اجتماعية ورياضية وثقافية وعملية جديدة افتقدوها سابقاً لأنه لم يكن بإمكانهم المغامرة بوقت عملهم لممارستها أو اختبارها.

هذا وانقسم السوريون حول موقفهم من الكثير من العادات والتقاليد والأعراف من قبيل المصافحة وتبادل القبل وأصبحوا أكثر حرصاً على النظافة وعلى انتقاء نمط غذائي مفيد يعتمد أكثر على الطعام المعد منزلياً، وباتوا يناقشون أعرافهم الخاصة باحتفالاتهم بأفراحهم ومواساتهم في أتراحهم.

على خط مواز، سمحت الإجراءات الاحترازية المتخذة للوقاية من انتشار فيروس كورونا للسوريين اختبار أساليب وطرق جديدة في تنظيم أمورهم الحياتية اليومية الخاصة منها كوقت النوم وتناول الطعام والاجتماع لمتابعة برنامج تلفزيوني مشترك وغيرها، وكذلك في تنظيم أمورهم الحياتية المشتركة من قبيل الحصول على احتياجاتهم اليومية كالخبز والمواد التموينية وقبض رواتبهم وغيرها.

لقد ساهمت الإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا أيضاً، في إعادة التفاعل الشخصي والواقعي بين السوريين حتى على مستوى الأسرة الواحدة، بعد أن سرقت سابقاً وسائل التواصل الاجتماعي والعالم الافتراضي كل وقت الفراغ لديهم.

باختصار يمكن القول إن فيروس كورونا كان له أثر إيجابي بما أتاحه من إمكانية لاختبار أنماط حياة جديدة، ويبقى على السوريين انتقاء الجيد وذي  الفائدة منها، لتنميط حياتهم وفقاً له فيما بعد انتهاء أزمة وباء كورونا.

مازن جبور

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock