لقاء الرئيسين الشرع وترامب.. بداية مرحلة جديدة للتعاون في الشرق الأوسط

شهدت العاصمة الأمريكية واشنطن، أمس الإثنين، لقاءً وصف بالتاريخي بين الرئيسين أحمد الشرع ودونالد ترامب، استمر أكثر من ساعة، وتميز بأجواء ودّية وبنّاءة، عكست رغبة الطرفين في فتح صفحة جديدة من الحوار والتعاون على مختلف الصعد السياسية والأمنية والاقتصادية، اللقاء جاء في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات جيوسياسية ملحوظة، فماذا في دلالاته على صعيد منطقة الشرق الأوسط.
مؤشرات سياسية واستراتيجية
يعكس اللقاء تحولاً ملموساً في الموقف الأمريكي تجاه سوريا الجديدة بعد سنوات من العزلة والعقوبات، التي فرضت لسنوات طوال على نظام الأسد البائد، وقد أبدى الجانب الأمريكي تقديره للقيادة السورية الجديدة ولجهود إعادة الاستقرار، وهو ما يفتح الباب أمام حوار سياسي متجدّد حول الملفات الداخلية والخارجية.
الطرفان ناقشا، وفق مصادر مطلعة، سبل تعزيز مؤسسات الدولة وتوحيد القرار الوطني، بما يسهم في ترسيخ الاستقرار الداخلي ويقلص التدخلات الخارجية على الساحة السورية، ويشكل إطاراً لإعادة بناء الثقة مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية.
الأمن الإقليمي وتوازن القوى
وشكل البعد الأمني أحد أبرز محاور اللقاء، حيث جرى بحث دمج مختلف القوى المسلحة ضمن الجيش العربي السوري، وتعزيز التنسيق لمكافحة الإرهاب، ويأتي ذلك في وقت تشهد فيه المنطقة توترات متعددة، كما تناول الحوار البحث في إمكانية التوصل إلى تفاهمات أمنية إقليمية، بما يشمل الدول المجاورة وإسرائيل، لتعزيز الاستقرار الإقليمي.
هذا التحرك قد يشير، وفق المصادر المتابعة، إلى توجه نحو بناء منظومة توازن أكثر استقراراً في الشرق الأوسط، بما يقلل من احتمالات اندلاع صراعات جديدة ويعزز أمن الحدود، بما يضع حداً للتوغلات الإسرائيلية في الأراضي السورية.
انعكاسات اقتصادية
اللقاء ركز كذلك، وفق المصادر، على الجانب الاقتصادي، حيث أكدت الولايات المتحدة استعدادها لدعم مشاريع التنمية وإعادة الإعمار، بما يشمل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة بموجب “قانون قيصر” بشكل نهائي، في خطوة تُعدُ مؤشراً على رغبة أمريكية في إعادة دمج الاقتصاد السوري في النظام المالي الدولي، وتشجيع الاستثمارات الأجنبية والمحلية.
الانعكاسات الاقتصادية لهذه الخطوة قد تمتد إلى المنطقة، إذ يمكن لسوريا أن تصبح مركز جذب للاستثمارات الإقليمية، مع فتح آفاق جديدة للتعاون التجاري مع دول الجوار، بما يعزز الاستقرار الاقتصادي ويخلق فرص عمل مستدامة، وهو ما يعزز من صمود الدولة ويحد من تداعيات الصراعات السابقة.
ملفات المنطقة
زيارة الرئيس الشرع إلى الولايات المتحدة جاءت في وقت تشهد فيه المنطقة ملفات حساسة، ربما من أبرزها، الوضع في شمال شرق سوريا، إذ قد تسهم في تعزيز التنسيق بين الحكومة السورية وأطراف إقليمية، بما يمهد لمرحلة جديدة من دمج قوات محلية ضمن الجيش العربي السوري وضمان الأمن الداخلي، هذا إضافة إلى أن دعم إعادة الاستقرار في سوريا يتيح التركيز على مكافحة الإرهاب ومنع عودة التنظيمات المتطرفة.
في المحصلة، فإن لقاء الرئيسين الشرع وترامب في البيت الأبيض يعكس ما يمكن القول إنه طموح سوريا في تعزيز مكانتها السياسية والاقتصادية، واستعدادها للتعاون البناء مع مختلف الدول على أساس الاحترام المتبادل والمصلحة الوطنية العليا، كما يفتح هذا اللقاء آفاقاً جديدة أمام إعادة تعريف العلاقات السورية – الأمريكية، ويعزز فرص الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي في البلاد والمنطقة، مع انعكاسات إيجابية محتملة على ملفات الشرق الأوسط الحيوية.
الوطن