مقالات وآراء

لماذا نحن مع مصر؟

أثارت كلمات الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال تفقده عناصر المنطقة الغربية العسكرية منذ يومين، والتي أعلن فيها “استعداد مصر التدخل في ليبيا إذا تطلب الأمر ذلك”، ردود أفعال مختلفة بين مؤيد ومعارض لها، وبين منتقد وحاقد، وبين جاهل وغبي في علوم السياسة ودور مصر التاريخي في المنطقة العربية وما تمثله من ثقل سياسي وثقافي لا يمكن لأحد تجاهله.

في سورية، لم نكن يوماً أي عداء لمصر، لا على المستوى الرسمي ولا الشعبي..كان هناك فتور في العلاقات نتيجة مواقف رسمية مصرية صدرت عن جماعة الاخوان المسلمين الارهابية التي حكمت مصر لأشهر قليلة، ولم تتغير – للأسف- بعد استلام الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم في مصر، على الرغم من تحسن العلاقات الأمنية بين البلدين.. أما شعبياً فبقي الشعب السوري والمصري على علاقة مميزة، وفتحت مصر أبوابها للسوريين الذين لجؤوا إليها، وبدورهم كان هؤلاء السوريون خير من مثل وطنهم من حيث الابداع والاخلاق واحترام الأنظمة والقوانين ولم نسمع يوماً عن إشكال حصل بين سوري ومصري لما يربطهم من تاريخ وثقافة وحضارات مشتركة.

اليوم هناك من يهدد أمن واستقرار مصر، وعلى الرغم من ثقتنا الكاملة ب “جيشنا الثاني” المصري الذي يواجه الإرهاب الأخواني في سيناء، ويحمي حدوده الغربية من جماعات المجرم رجب طيب أردوغان، ويخوض جنوبا معركة توفير الأمن المائي لعشرات الملايين من المصريين، إلا أننا في سورية لايمكن إلا أن نقف ونكون إلى جانب مصر، وأن ندين ما تتعرض له من تهديد إرهابي نعاني منه في سورية منذ قرابة عشر سنوات. ولن ننسى أن الكثير من المصريين وقفوا معنا وعبروا عن تضامنهم مع سورية قيادة وشعباً في مواجهة المخططات الغربية وأدواتها “العربية” التي عملت على تدمير سورية وتقسيمها وقتل وتشريد الشعب السوري، وإخضاعه للإملاءات الغربية، وأخفقت.

عاتبون على مصر، نعم.. وكنا نتمنى منها أن تتخذ خطوات ولو رمزية مثل رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي بين بلدينا، وهذا ليس بمستحيل لدولة بحجم وتاريخ وثقل مصر، فنحن لم نطلب منها أن تواجه دول الغرب كرمى لعيون السوريين.. لكن وعلى الرغم من العتب، وحين تكون المسألة مع أو ضد مصر، فنحن بكل تأكيد مع مصر شعباً وقيادة في مواجهة آلة الإرهاب الأردوغاني، ومع شعب مصر لتوفير أمنه المائي والغذائي، ومع الجيش المصري لمواجهة أي تهديد فوق أراضيه وعلى حدوده، والمسألة هنا قد لا تحتاج إلى نقاش، فتاريخنا واحد، ونضالنا واحد، وكرامة الشعب المصري من كرامة كل سوري، وهذا تعلمناه في دروس التاريخ، وتشهد عليه دماء شهدائنا السوريين والمصريين، الذين خاضوا معاً معارك الشرف والبطولة، وقدموا أغلى ما عندهم لحماية حدود أوطانهم وصون قرارهم المستقل، ولنصرة عزة وكرامة العرب التي كانت هدف كل معتد وإرهابي، صهيوني كان أم تركي، أم غربي.

نعم نحن مع مصر.. ومع كل شعب عربي يتعرض لتهديد إرهابي أو عسكري أو سياسي، وذلك مهما بلغت الخلافات مع قادته.. فدمشق كانت ولا تزال وستبقى قلب العروبة النابض، والسوريون اليوم لا يخوضون حرباً لحماية سورية فقط، بل لإنقاذ العالم من الغطرسة الغربية، ومن جنون عظمة زعماء الإرهاب وأطماعهم القديمة المتجددة.

نعم نحن مع مصر، وسنبقى كذلك لكون ما يربطنا أكبر بكثير مما يفرقنا، وكلنا أمل أن تنتصر جمهورية مصر العربية على كل تهديد، كما انتصر السوريين الذين مازالوا يخوضون حرباً لم يشهد لها مثيل في كتب التاريخ، وكم كانوا ليكونوا أقوى لو كانت مصر الرسمية بكل ما تملك من ثقل إلى جانبهم قولاً وفعلاً…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock