مقالات وآراء

ماذا بعد الخوف والقتل؟

سنوات قاربت العقد في بلدان عربية، وزادت عليه في أخرى، كانت ربيعية برأي بعضهم وصيفية حارة برأي آخرين، وشتائية عاصفة برأي الناس، وخريفية آذنت بسقوط أوراق العمر والسعادة عند الكثيرين! شكلت هذه السنوات مفصلاً تاريخياً من دون أدنى شك، وكان لهذا المفصل منعكسات سلبية قاتلة، ومرجعيات عالمية من الذين يتحكمون بالعالم حسب أهوائهم ومصالحهم، ومهما كانت الأمور، فإن الإدارة حتى للأزمات تقاس بالنتائج، فإذا ما حدث أمر أو أمور إيجابية، فإن ذلك يجعل ما حصل لمصلحة سيرورة تاريخ الناس والبلدان.. أما إذا ما حصل العكس فالأمور بحاجة إلى إعادة نظر، وبحاجة إلى الإيمان بالمؤامرة من الداخل والخارج، وبوجود طوابير لا حصر لها ولا عدّ.

انتهت الحرب العالمية الثانية، وكانت كارثية بمجرياتها وخواتيمها، وأعادت ترتيب العالم من جديد، ورأينا الدور الذي نهضت به البلدان من تحت الرماد، نتيجة الدور الذي أعطي لها، والمقدرة لدى شعوبها وقادتها!

والمفصل التاريخي في الحربين العالميتين أثمر عن تيارات حداثية سياسية وفكرية واقتصادية وعلمانية ودينية، وغيّر من آليات تفكير الناس، وبنى مجتمعات ليبرالية مهمة قارب عمرها مئة سنة وهي في أوج تقدمها، بل التزامها القيمي والأخلاقي العلني، على العكس من المجتمعات المتهالكة في جوهرها على الرغم مما يبدو وبعد عقد من الحروب فاق مدة الحرب العالمية وكوارثها الاجتماعية والأخلاقية الإنسانية ماذا حصدنا من نتائج؟ هل انتقلنا من طور إلى طور في العلم والتقانة؟ هل أدركنا قيمة الحرية في الحياة؟ هل فهمنا حقيقة علاقتنا بالله والوجود؟ هل أعدنا النظر في السياسة والأحزاب وآلية التعاطي معها؟ هل تحولت آليات تعاملنا الاقتصادي؟ هل انعتقنا من القبلية والعشائرية والمذهبية والطائفية؟

إن جيلي الذي أنتمي إليه لن يستطيع أن يحكم، لأنه – من المؤكد – لن يرى النتائج بنفسه، ولكنه يستطيع أن يرحل بغضب وأسف، لأن الشيء الوحيد الذي شهده هو دمار بلدان عشقها، وخسارة تاريخ غناه كثيراً، وانقلاب مفاهيم كان يظنها لا تتزعزع.. ورأى بدايات غير مبشرة، فما كان في سبعينيات القرن العشرين وثمانينياته من فكر وثقافة وانطلاق انطمر، وما كان يقوله ويكتبه ويفكر فيه صار من عجائب الدنيا السبع..!

والمحرمات المعروفة صارت أكثر عمقاً وأبعد غوراً، فالدين وهو السامي العظيم صار بأيدي مجموعة تحكم على هواها، والأيديولوجيات تحولت إلى مقدس، وأشياء كثيرة كثيرة..

بعد الحرب العالمية تغيرت المحاور وسعدت أوروبا، وبعد ما حصل في بلداننا العربية تتغير المحاور، ولكننا سنتحول إلى رماد، وفي أحسن الأحوال إلى عازفين على الربابة لنقرأ سيرة الزير سالم وأبي زيد الهلالي حتى يصل إلينا الموت المنتظر بكورونا وبغير كورونا.

 

إسماعيل مروة- «الوطن»

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock