اقتصادالعناوين الرئيسية

ماذا تحسّن في الاقتصاد السوري بعد عام على التحرير؟.. محي الدين: سوريا بدأت بإعادة بناء اقتصادها على أسس جديدة

بعد مرور عام على التحرير، يبرز سؤال أساسي لدى الرأي العام والمهتمين بالشأن: ماذا تحقق فعلياً على الأرض، وإلى أين يتجه الاقتصاد السوري؟ يكشف الواقع أن العام الأول كان عاماً تأسيسياً بامتياز، شهد خطوات مهمة، وواجه في الوقت نفسه تحديات كبيرة، وهو ما يجعل المرحلة المقبلة أكثر وضوحاً من حيث الاتجاهات والسياسات.

وفق ما فنده الدكتور والباحث الاقتصادي رازي محي الدين  في حديثه لـ”الوطن” وما تحقق  من إنجازات خلال العام الأول:

تحسن البيئة التشريعية

شهدت الفترة الماضية تعديلاً لمجموعة من القوانين والتعليمات التنفيذية المرتبطة بالاستثمار، والرسوم، وبيئة الأعمال. ورغم أن التشريعات وحدها لا تغيّر الواقع مباشرة، إلا أنها تشكل حجر الأساس لبيئة اقتصادية أكثر وضوحاَ وقابلة لجذب الاستثمارات وتنفيذ المشروعات المستقبلية.

ضبط النفقات وتحسين إدارة الموارد

وأفاد محي الدين بأن الحكومة اتبعت  توجهاً واضحاً نحو رفع كفاءة الإنفاق، وتنفيذ إجراءات لترشيد الدعم وتوجيهه نحو القطاعات الإنتاجية الأساسية كالزراعة والصناعة والطاقة.. هذا التغيير يتطلب وقتاً كي تظهر نتائجه في مستوى المعيشة، لكنه يشير إلى تحول هيكلي في إدارة المال العام.

وأشار إلى أن هناك عدداً من الاتفاقيات التي جرى الإعلان عنها تحول بالفعل إلى مشروعات في الطاقة والنقل والصناعات الأساسية. ورغم أن حجم التنفيذ لايزال دون مستوى الطموحات، إلا أن الخطوة الأهم كانت الانتقال من مرحلة الإعلان إلى مرحلة التنفيذ التدريجي، ضمن الإمكانيات المالية المتاحة، مشيراً إلى أن ما تحقق هو بداية مسار إصلاحي، لا يمكن استكماله في عام واحد، لكنه يؤسس لاقتصاد أكثر انفتاحاً وتركيزاً على الإنتاج.

 

تقييم السياسة الاقتصادية.. هل كانت مناسبة؟

من وجهة نظر الباحث الاقتصادي  السياسة الاقتصادية التي تبنتها الحكومة خلال العام الماضي اتسمت بمجموعة ملامح جوهرية تتمثل في التحول نحو اقتصاد السوق وتعزيز دور القطاع الخاص والشراكات والاستثمار.

– ضبط النفقات العامة وتقليص الهدر وإعادة هيكلة الدعم.

– تعزيز مكافحة الفساد عبر تشريعات وإجراءات رقابية أكثر صرامة.

– تحسين الرواتب تدريجياً ضمن حدود الإمكانيات المالية، وربط الزيادات بإصلاحات ضريبية وإدارية.

– تصحيح الأسعار المحلية – خاصة الطاقة بما يقلل التشوهات ويحسن توفر السلع.

ورغم أن التضخم وارتفاع الأسعار بقيا من أبرز التحديات، فإن معالجتهما لا تتم فقط عبر الأدوات الإجرائية، بل تحتاج إلى نمو إنتاجي فعلي واستثمارات حقيقية، وهو ما تعمل الحكومة على بنائه تدريجياً.

ولفت محي الدين إلى أن السياسة الاقتصادية اتخذت خطوات صحيحة من حيث الاتجاه، بينما تحتاج نتائجها إلى مزيد من الوقت كي تنعكس بشكل ملموس على حياة المواطنين.

– الفرص الاقتصادية المقبلة

وحول الفرص قال: تملك سوريا اليوم مجموعة فرص استراتيجية يمكن أن تشكل رافعة قوية للاقتصاد إذا أُديرت بفاعلية مثل:

– الزراعة والصناعات الغذائية

باعتبارها الأقل تكلفة والأسرع قدرة على إيجاد فرص عمل.

– الطاقة والطاقات البديلة.

الحاجة المحلية الكبيرة تجعلها من أسرع القطاعات نمواً.

البناء والتشييد

مع تحسن المؤشرات الأمنية، يُتوقع عودة  تدريجية لمشروعات إعادة الإعمار.

. الخدمات اللوجستية والنقل

الموقع الجغرافي لسوريا يمنحها ميزة تنافسية مهمة.

– السياحة بأنواعها الدينية، العلاجية، والتاريخية.

 التحديات التي يجب التعامل معها

مع الفرص الواعدة تبقى هناك تحديات تحتاج إلى إدارة حكيمة:

تعزيز الحوكمة والشفافية لتأمين بيئة أعمال مستقرة وواضحة.

توسيع قاعدة المشاركة الاقتصادية ورفع دور القطاع الخاص والمجتمع المحلي.

تعزيز ثقافة المواطنة والسلوك الاقتصادي المسؤول.

تطوير منظومة التمويل ودعم رواد الأعمال.

تحديث الإدارة العامة واعتماد التحول الرقمي واللامركزية في اتخاذ القرار.

الاقتصاد السوري في الاتجاه الصحيح

وخلص محي الدين حديثه قائلاً: رغم صعوبة التحديات، فإن المؤشرات العامة تشير إلى أن سوريا بدأت مرحلة إعادة بناء اقتصادها على قواعد جديدة: تقوم على دعم الإنتاج، ضبط النفقات، تعزيز الشفافية، وفتح الباب أمام الاستثمار، مشيراُ إلى ان التحول الاقتصادي الحقيقي لا يُبنى في يوم واحد، لكنه يتشكل عبر خطوات تراكمية ثابتة… والاتجاه اليوم واضح: اقتصاد أكثر واقعية، وأكثر قدرة على التعافي، وأكثر استعدادًا لمنافسة المستقبل.

هناء غانم

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock