مقالات وآراء

ماذا نهتم بمؤتمر عودة اللاجئين؟ 

بقلم المحامي عبد الفتاح الداية

لطالما حمل موضوع اللاجئين أبعاد عديدة، بُعد إنساني بالنسبة للمهتمين، وبُعد أخلاقي ووطني بالنسبة للسوريين، ولكن هناك أيضاً بُعد سياسي سيء الذكر تتبناه الدول الضالعة بإشغال واستمرار الأزمة السوريّة، فاللاجئين عند تجار السياسية والانسانية والدين يتحولون لمجرد ورقة ضغط، لا أكثر ولا أقل، وما احتجاز السورييّن في بعض المخيمات إلا خير دليل على ذلك.

 

انعقاد المؤتمر في دمشق تفصيل هام قد يبدو للبعض أمر ثانوي، إلا أنه يعطي جملة من الرسائل السياسيّة والدبلوماسية؛ عن قدرة هذا البلد رغم الصعاب، وعن استمرار الدولة والمؤسسات بالرغم من محاولات تفكيكها وإفشالها وصولاً للعقوبات، ويدحض الأساطير التي تتحدث في كل مرة عن النوايا الانتقامية للحكومة السوريّة.

 

الهام في المؤتمر علاوةً عن أهمية موضوعه و تمتعه بالدعم السياسي المقبول نسبياً، أنه كرس مزاجاً وتوجهاً سورياً، رسمياً وشعبياً، بأن اللاجئين قضية سوريّة بصرف النظر عن التوجهات والاراء السياسيّة، كما أن المؤتمر وانعقاده في دمشق يُشكل تحرك سياسي ودبلوماسي عله يجلب تحركات إيجابية أخرى تفيد منها سوريا والمنطقة، تحركات يجب أن تتمتع بالقدر الكافي من الدعم الدولي لحل أزمات اللجوء، وخطر الإرهاب، ودعم الاستقرار، ونحو ذلك، فبعض التفاصيل وإن بدت شأن سوري، أو شرق اوسطي، إلا أن حلها بالكامل يحتاج لاطراف ودول أخرى.

 

قد لا تبدو الأوضاع الحاليّة في سورية نموذجية، فالاضرار بالجملة والعقوبات الأمريكية تتقصد تضييق الخناق، وتحتاج قرى وبلدات بأكملها لإعادة الأعمار إلا أنها تتعثر بفعل هذه السياسات، إلا أن الأوضاع ومهما بلغت من السوء فلن تكون أسوأ من خيم اللجوء في الشتاء، ومهما كانت الأوضاع الإقتصادية والمعيشية ضاغطة في الداخل فاضرارها مهما بلغت لا تساوي ضرر تسرب جيل كامل من المدارس، والآن لدينا تحدي عالمي يتعلق بوباء كورونا وانعكاساتها بظروف اللجوء والمخيمات أكبر وأوسع بألف مرة نظراً للاوضاع الصحية والمعيشية فيها، وعليه فعلى من يستغرب انعقاد هذا المؤتمر أن يقوم بمراجعة هادئة لأوضاع اللاجئين في المخيمات لا لأوضاع المغتربين ببعض العواصم الأوروبية، فالبعض لا يزال إلى الآن يخلط بين المغترب واللاجى والحقيقة أنه ثمة فرق كبير، واذا تمكن المؤتمر من إنهاء هذه المخيمات فقط دون عودة جميع اللاجئين السورييّن بكافة دول العالم فسيكون حينها نجح نجاحاً باهراً حتى وإن تغيبت عنه دول عديدة أو منظمات معنية.

 

قد تكون الطريق طويلة لإعادة كافة الأمور السوريّة إلى نصابها، ولكن ذلك لا يمنع من القيام ببعض الخطوات الممكنة حالياً، كموضوع اللاجئين والمؤتمر الأخير، ولا فرق بين أن تكون أولوية بعض الدول المشاركة في المؤتمر أخلاقية وإنسانية أو اقتصادية، المهم أن ألا تكون النيات السيئة موجودة والأهم ألا يكون السوري خاسر، وهذا هو واقع المؤتمر بصورة عامة.

 

نتطلع بلهفة لما بعد المؤتمر، فالجميع مُتلهف لعودة الأهالي لقراها وبلداتها لحفظ حياتهم وكرامتهم ومستقبل أطفالهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock