العناوين الرئيسيةسوريةسياسة

مبدأ الدبلوماسية السورية في زيارة روسيا.. المصالح السورية ترسم خرائط العلاقات السياسية

تشكل زيارة وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني ووزير الدفاع اللواء مرهف أبو قصرة ومسؤولون في الاستخبارات العامة إلى العاصمة الروسية موسكو، محطة مفصلية في مسار العلاقات بين البلدين، إذ تكمن دلالتها الأعمق في كونها محاولة متبادلة لاختبار إمكان الانتقال من علاقة مثقلة بإرث النظام المخلوع إلى شراكة تبنى على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، كما أن أهمية الزيارة تكمن في فتح باب الحوار على أسس جديدة، قد تحدد شكل العلاقة السورية–الروسية في المرحلة المقبلة.

الزيارة في جوهرها وكما ترى مصادر سياسية متابعة، هي محاولة متبادلة لإعادة تعريف العلاقة، في لحظة انتقالية تختبر قدرة الطرفين على تجاوز الماضي وبناء تعاون يقوم على المصالح المشتركة لا على إرث النظام المخلوع.

في لحظة إقليمية ودولية شديدة الحساسية، تأتي زيارة الوفد السوري إلى موسكو، بوصفها محطة سياسية تتجاوز بعدها البروتوكولي إلى محاولة إعادة تعريف العلاقة السورية–الروسية، فالزيارة كما تشير معطياتها وسياقها، ليست استمرارا آلياً لمسار سابق، بل اختبار متبادل لإمكان بناء علاقة جديدة تقوم على المصالح المشتركة، لا على إرث النظام المخلوع أو حساباته.

تأتي الزيارة في ظل سعي قيادة سوريا الجديدة إلى إعادة تموضعها خارجياً، وإعادة صياغة شبكة علاقاتها الدولية بما يخدم أولويات الاستقرار والسيادة وإعادة الإعمار، في المقابل، تمر روسيا بمرحلة إعادة ترتيب لأدوارها الإقليمية في ظل ضغوط دولية وحسابات استراتيجية متغيرة، هذا التلاقي في لحظة مراجعة، يمنح الزيارة دلالة خاصة، إذ يصبح الحوار فرصة لتقييم الماضي من دون الارتهان له، واستشراف مسارات تعاون واقعية للمستقبل.

ارتبطت العلاقة السورية–الروسية في السنوات الماضية بدور روسي حاسم في دعم النظام السابق عسكرياً وسياسياً. غير أن هذا الإرث، رغم ثقله، لم يعد صالحاً ليكون أساساً لعلاقة مستدامة، دلالة الزيارة تكمن في السعي إلى نقل العلاقة من منطق “الحماية والدعم” إلى منطق “الشراكة والمصالح” ، فوجود وزير الخارجية والدفاع معاً يعكس رغبة سورية في مناقشة الملفات السياسية والأمنية بشكل متوازن، وإعادة ضبط أطر التعاون بما يحفظ القرار الوطني السوري ويأخذ في الحسبان المصالح الروسية من دون تبعية.

تحمل الزيارة رسائل متعددة الاتجاهات، إلى موسكو، تفيد بأن دمشق منفتحة على صفحة جديدة، لكنها تسعى إلى علاقة أكثر توازناً ووضوحاً في الأدوار، وإلى الإقليم والعالم، تشير إلى أن سوريا لا تنكفئ على ذاتها، بل تتحرك دبلوماسياً لإعادة بناء علاقاتها على أسس براغماتية، كما أن إشراك مسؤولين في الاستخبارات العامة يوحي بأن ملفات الأمن، وضبط التحديات العابرة للحدود، ستكون حاضرة في النقاش، لا سيما في ظل تعقيدات المشهد الإقليمي.

من المؤكد أن ثمة مصالح مشتركة يمكن البناء عليها، استقرار الدولة السورية، مكافحة التهديدات الأمنية، وإيجاد بيئة ملائمة لإعادة الإعمار، غير أن دلالة الزيارة تكمن أيضا في اختبار حدود هذه المصالح، وعليه فإن دمشق تسعى إلى شراكات تحترم سيادتها وتدعم انتقالها السياسي، بينما تحرص موسكو على الحفاظ على نفوذها ومصالحها الاستراتيجية، وهنا فإن نجاح الزيارة يقاس بقدرة الطرفين على إدارة هذا التباين من دون العودة إلى أنماط العلاقة السابقة.

الزيارة، في جوهرها، ليست نكراناً للماضي، لكنها ترفض أن تكون أسيرة له، إنها محاولة لإعادة تعريف العلاقة في ضوء واقع جديد، حيث لم يعد ممكناً بناء السياسات على ولاءات قديمة أو معادلات فرضتها ظروف استثنائية.

الوطن

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock