مدوّنة الداخلية.. انتقال إلى دولة القانون والعدالة

تعكس خطوة وزارة الداخلية إصدار مدوّنة السلوك الجديدة للعاملين فيها، حرصها على وجود إطار مرجعي يستند إلى معايير أخلاقية ومهنية ملزمة لهم، وإنهاء صفحة الماضي التي عانى خلالها المواطن من حقبة حكم الأسدين الأب والابن التي امتدت أكثر من خمسة عقود من شتى أنواع وأشكال الظلم والإهانة والتعذيب والإخفاء القسري.
ويدل ما ورد في المدونة أنها “مجموعة من القواعد والمبادئ التي تنظّم سلوك منتسبي الداخلية في مختلف المواقف، بما يضمن تنفيذ مهام الوزارة باحترام الحقوق والحريات، وحسن التعامل مع المواطنين، وضمان العدالة والمساواة أمام القانون”، على عمل مستمر تقوم به الوزارة للارتقاء بالعمل الذي تقوم به عناصر قوى الأمن الداخلي إلى مصاف الدول المتقدمة، والقائم على مبادئ احترام الحقوق والحريات، وحسن التعامل مع المواطنين، وضمان العدالة والمساواة أمام القانون.
ومما لا شك فيه أن إصدار المدونة المتضمنة مجموعة من القواعد والمبادئ التي تنظّم سلوك منتسبي الداخلية في مختلف المواقف، يأتي في وقت تحتاج فيه البلاد إلى قرارات كهذه أكثر من أي وقت مضى، بحكم طغيان أخبار الأحدث في وسائل التواصل الاجتماعي، وعمليات تزييف الحقائق التي يقوم بها فاسدون ومفسدون ومغرضون لم يرق لهم التغيير الذي حصل في البلاد بعد انتهاء منفعتهم من سياسة الفساد التي كان النظام البائد يسير عليها.
وفي الوقت ذاته، فإن إصدار المدونة، سيؤدي إلى وضع حد للتجاوزات المرتكبة تجاه المواطنين، وضبط السلوكيات المهنية في مرحلة لا يزال فيها جهاز الأمن الداخلي في البلاد في طور البناء ويواجه تحديات تتعلق بالانضباط والاستقرار، وخصوصاً أن البلاد لم يمض سوى أقل من عام على خروجها من حرب دامية شنها النظام البائد على الشعب وعمل خلالها على تغذية النعرات الطائفية والدينية والمذهبية والعرقية بين أبناء الشعب.
إن ما تقوم به وزارة الداخلية لضمان انضباط كوادرها الأمنية، ليس بالعمل السهل إطلاقاً، وقد تواجه تحديات في هذا الأمر مطلوب منها التغلب عليها، وخصوصاً أن سياسة سوريا الجديدة بقيادة الرئيس احمد الشرع قطعت شوطاً كبيراً في عملية الانتقال من حالة الثورة إلى مرحلة بناء دولة قوية تقوم على القانون والمؤسسات.
وتشير الأحداث إلى أن الوزارة تعمل بحنكة كبيرة لتجاوز تلك التحديات، إذ أنها تسمو فوق التصرفات الطائفية والتخريبية التي تستهدف عناصرها، وتحرص على عدم الانجرار نحو الرد على انتهاكات المخربين بانتهاكات مماثلة.
خلاصة القول، إن إصدار وزارة الداخلية لمدوّنة السلوك الجديدة للعاملين فيها، هو طي لعقود من التعذيب والظلم والقهر والانتقال إلى دولة القانون والمؤسسات القائمة على العدالة وسيادة القانون على الجميع بما يضمن احترام الحقوق والحريات وتحقيق المساواة أمام القانون، وتعزيز الثقة بين أفراد المجتمع والمؤسسة الأمنية، من خلال وضع معايير مهنية وسلوكية ملزمة.
الوطن