مشافٍ خاصة تتغول على المرضى وتفرض أسعاراً خاصة بسبب عدم إيمانهم بـ “مشافٍ حكومية”

تشهد عدد من المشافي الحكومية نقصاً وتهالكاً بواقع التجهيزات الطبية الذي خلّفه النظام البائد على مدار السنوات الماضية، رغم العديد من المناشدات السابقة التي لم تلق آذاناً مصغية وترجمة فعلية تنعكس إيجاباً على واقع المشافي والمرضى ممن “لا حول لهم ولا قوة”.
مواطنون قالوا لـ”الوطن”: نعاني مشاكل كبيرة في القطاع الصحي، ونشعر بالإحباط بسبب وضع المشافي العامة والخاصة على حد سواء، مصيفين: فمن جهة، فإن الأجور المرتفعة في المشافي الخاصة أصبحت عبئاً مالياً كبيراً على المرضى، وخاصة ذوي الدخل المحدود، مع عدم توافر ضمانات كافية لأسعار معقولة، ومن جهة أخرى، تفتقر عدد من المشافي العامة إلى التجهيزات الطبية الحديثة واللازمة، مما يضطر الكثير من المرضى إلى اللجوء للمشافي الخاصة التي توفّر وسائل علاجية متطورة.
وتابعوا: إن التفاوت الكبير بين القطاعين يهدّد حقنا في الحصول على رعاية صحية جيدة وميسّرة، لذا نطالب الجهات المعنية بالنظر في هذه المشاكل والعمل على تحسين مستوى الخدمات في المشافي العامة، وتسهيل إجراءات وتقليل تكاليف العلاج في عدد من المشافي الخاصة لضمان العدالة في الوصول إلى الخدمات الصحية، مؤكدين أن تعطّل بعض الأجهزة الأساسية مثل صور الطبقي المحوري والرنين، تجبر الكثير من المرضى على الذهاب إلى الخاص.
وأكد عدد من الأطباء لـ “الوطن” أن المشافي تعاني اليوم تحديات كبيرة، ولا سيما في فصل الصيف، فبالإضافة إلى نقص الإمكانيات والمعدات والأجهزة الطبية التي تنتظر تحسناً ملموساً مقارنة مع الوعود والكلام الكثير حولها ” قبل التحرير، تفتقر عدد من المشافي اليوم إلى التبريد والنظافة العامة.
وأضافوا: إذا أراد أي شخص أن يذهب إلى مشفى خاص لتكون ضمن ظروف طبيعية على أقل تقدير، سيدفع ما يزيد على مليون ليرة في كل ليلة، أما إن تطلب الأمر سرير عناية فهو بحاجة إلى 5 ملايين ليرة على أقل تقدير، مشيرين إلى أنه أمام واقع الحال يقف المواطن أمام خيارين أحلاهما مر، إما أن يذهب إلى مشفى حكومي شبه مجاني ليعاني من الواقع الذي تعيشه رغم الجهود الكبيرة المبذولة، أو يضطر للذهاب إلى أحد المشافي الخاصة، وهناك سيدفع “الغالي والنفيس” لأجل أي فحص أو معالجة.
ترهل البنية التحتية
مدير مشفى دمشق “المجتهد” محمد الحلبوني تحدث لـ”الوطن” بكل شفافية عن واقع المشفى وما آلت إليه من إهمال وتقصير خلال فترة النظام البائد، لافتاً إلى أنه لم تجر أي عملية معالجة فعلية لواقع البنى التحتية المترهلة منذ أكثر من 10 سنوات.
وأشار الحلبوني إلى أن تكلفة صيانة الأجهزة في بعض الحالات أعلى بكثير من شراء أي أجهزة جديدة، مبيناً أن المشفى تضم جهازي طبقي محوري أحدهما معطل بشكل كامل قبل”التحرير” والآخر أجرينا له عملية إصلاح مؤقتة، ولكن للأسف مهدد بالتعطل، كما يوجد أيضاً لديناً جهازا مرنان معطلان، لافتاً إلى أن تكلفة أقل جهاز مرنان تصل إلى مليون ونصف المليون دولار، منوهاً بالعمل على إصلاح أحد الأجهزة.
وكشف عن وجود نقص في أجهزة المنافس مقارنة مع عدد المرضى، مشدداً على أن زيادة عدد المنافس هي ضرورة قصوى و ملحة.
واقترح الحلبوني أن يسهم القطاع المحلي الخاص والمختص بالتجهيزات الطبية في دعم المشفى على غرار الدعم الذي قدمته مديرية الأوقاف بدمشق، لكنه أعرب عن أسفه لعدم وجود مثل هذا الدعم رغم أننا نخدم أهالي البلد.
وعلمت”الوطن” أن مديري المشافي في دمشق وضعوا مدير الصحة بواقع الحال، علماً أن الأمر يعالج على مستوى الوزارة، وهي على علم كامل بما تحتاجه المشافي ليصار إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة خلال الفترة القادمة، وهو ضمن الاهتمام الحكومي.
وكان وزير الصحة أكد في تصريحات سابقة أنه يتم العمل على إعادة بناء النظام الصحي المدمّر والمليء بالفساد والمحسوبيات، مؤكداً البدء بإعادة تأهيل وترميم ما دُمّر من المشافي والمراكز الصحية على مستوى البناء والكوادر والأجهزة الطبية ودعم الرعاية الصحية الأولية وأضاف: نعمل وفق خطين متوازيين، الأول إسعافي عبر افتتاح مراكز صحية بشكل مدروس والثاني عبرتوفير أكبر تغطية صحية، قائلاً: من أولوياتنا تأهيل الكوادر الطبية وصقل خبراته المواكبة للتطور وإدخال الأجهزة الطبية الحديثة.
الوطن– فادي بك الشريف