اقتصاد

مطالب بإحداث خلية “لإدارة أزمة” تتعاطى بحزم مع المافيا الاقتصادية

سلّط مركز دمشق للأبحاث والدراسات «مداد» الضوء على التطورات الراهنة للأزمة الاقتصادية، إذ قدم جملة اقتراحات تساهم في امتصاص الحالة الراهنة على شكل مضمون سياساتي لبرنامج عمل اقتصادي بديل، وذلك في ورقة عمل نشرها المركز للباحث الاقتصادي الدكتور مدين علي بعنوان «الأزمة الاقتصاديّة الراهنة في سورية: منظور سياساتي بديل».
حاولت الورقة ما سمته «اجتـراح بعض الأفكار» التـي اعتقد الباحث أنها قادرة على الدخول في سياق برنامج عمل سياساتي، يتكون من ثلاثة مستويات، الأول هو مستوى استنهاض الدولة واسترداد هيبة المؤسسات والقانون، والثاني هو مستوى السياسات العامة وإعادة الهيكلة، وأخيراً مستوى العلاقة مع الحلفاء.
ودعى الباحث في المستوى الأول إلى الإطاحة بعروش رموز الفساد، ممن تثبت ممارساتهم الفاسدة، واسترداد المال العام الذي استولوا عليه، وتحويله لمصلحة الخزينة العامة للدولة والعمل بقوة لتـرميم صورة المؤسسة الحكومية، وموظف الخدمة العامة الذي انكسرت هيبته وتصدعت صورته في زمن الحرب، جراء الحاجة والعوز.. وغيـر ذلك، في الوقت الذي ينتصر فيه الفاسدون، وأصبحوا يتصدّرون واجهة المجتمع.
ويتطلب العمل على مستوى السياسات العامّة للدَّولة وعمليّة إعادة الهيكلة تنفيذ مجموعة من الإجراءات والتدابير العاجلة التـي تندرج في سياق الإجراءات والتدابير قصيرة الأجل، من أبرزها إعادة النظر في واقع التخطيط الاقتصاديّ ودوره، وإعداد الخطط والبـرامج الاقتصادية الحقيقية، وابتكار السياسات الكفيلة بوضعِ المنظومةِ الاقتصاديّة في المسار الصحيح الذي يساعد في الوصولِ إلى نقطة التوازن الاقتصادي والاجتماعي، وتشكيل خلية لإدارة أزمة اقتصادية تحت إشراف جهة وصائية عليا، مهمتها تقديم المقترحات والأفكار ورصد الواقع.
إضافة إلى شنّ حرب حقيقية على المهربين وعمليات التهريب، واعتماد عقوبات جزائية رادعة بجرم تهديد الأمن الوطني والإضرار بالمصلحة الوطنية العليا، والمراجعة وإعادة النظر بصورة جذرية في سياسات التجارة الخارجية، ووضع رؤى متكاملة، تقوم على قواعد وأسس معينة، يمكن تحديدها بوضع حدّ لسقوف الاستيراد، شريطة ألا تتجاوز الطاقة الاستيرادية للاقتصاد السوريّ التـي يجب أن تتحدد في ضوء معدل النموّ الحقيقيّ للناتج ولحجم الإنتاج وبنيته، وتحديد أولويات الاستيراد وتمويل المستوردات، لجهة التركيـز على تأمين حاجات ومتطلبات القطاع الزراعيّ، وبحسب الأهمية النسبية والضرورة الاقتصادية على مستوى القطاع، وكذلك الأمر بالنسبة للقطاع الصناعيّ.
إلى جانب الإقلاع عن سياسة سعر الصرف الوحيد، وتبنـي نظام سعر الصرف المتعدد (مع العلم بأن ذلك الإجراء لن يلقى الترحيب وسيواجه بقوة، لكنه ضرورة في الوقت الراهن)، بحيث يكون هناك سعر صرف مدعوم أو مُغالى به لليـرة السورية للمتعلق بتمويل المستوردات الأساسية أو الضرورية، والصادرات من المواد الأولية.
فضلاً عن العمل بصورة مكثفة وعاجلة لتحسين واقع إيرادات الدَّولة المالية، وهذا يتطلب بدوره وضع برنامج عمل إطاريّ/تنفيذيّ عاجل وسريع، يستهدف ملاحقة المتهربين من الدفع، سواء أكانوا متهربين من دفع الضرائب أم الرسوم، ومعاقبتهم جزائياً، ومكافحة هدر المال العام، ووضع جدول أولويات محدد بدقة بالنسبة للإنفاق العام.
بالإضافة إلى وضع خطة محكمة ومتشددة لإدارة القطع الأجنبـيّ، يعدها مصرف سورية المركزي بالتعاون والتنسيق مع وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية وهيئة التخطيط والتعاون الدولي، وقيام الدولة بتشكيل موازنة مخزونية للكثيـر من السلع القابلة للتخزين؛ ذلك عن طريق قيام الدولة بشراء الفوائض من المعروض، عندما تكون الأسعار منخفضة، وتخزينها لأوقات ينخفض فيها العرض، وبناء هيكلٍ جمركيّ مرن ذي طابع حركيّ، يتمتع بالقسوة والشدة في قمع ما يهدد المنتجات المحمية المندرجة في خطة الإنقاذ الاقتصاديّ، تحديداً لجهة ما يتعلق بحماية المنتجات الزراعية، ومنتجات الصناعات الزراعية والصناعات الدوائية بصورة مؤقتة، مع الأخذ بالحسبان ضرورة ألا تتحول السوق إلى سوق احتكارية في الأجل الطويل.
كما اقترح الباحث فرض ضريبة على المصدّرين، يمكن أن تساعد في ترميم العجز في ميـزان القطع الأجنبـي، وهذه الضريبة لا يمكن أن يترتب عليها أي نتائج سلبية، لأن انخفاض سعر صرف الليـرة السورية، يشكل فرصة لتعزيز القدرة التنافسية، وتحقيق ربح إضافي للمصدّرين يعوضهم عن الضريبة المسددة، وتغييـر بعض فئات النقد السوري، بهدف الضغط لإخراج النقد السوري المحتبس، والمغيب لأسباب وغايات مختلفة، خارج دورة النشاط الاقتصادي، ومراجعة بعض القرارات والبلاغات التـي تتعلق بإدارة الأزمة الاقتصادية الراهنة كمدخل لإلغائها، أو تعديلها قبل فوات الفرصة.

رامز محفوظ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock