منوعات

مِهنٌ سوريةٌ انقرضت وأخرى بدربها في زمن الكورونا

مع كل حال تتبدل الأحوال، ولكل زمن مهنه وحرفه وأشغاله وأعماله التي يزاولها الناس كي يعتاشون منها. في ظل الأحوال الراهنة لن تكون حياتنا في استقرارها كما الماضي، فالتغيير مطلوب والتطورات تستحق المغامرة بقصد المواكبة، ولكن ما العمل إن كان الحال بنتيجته النهائية الذهاب إلى توديع الكثير من المهن أو الحرف أو الأعمال التي اعتدنا عليها في حياتنا السورية.
كيف ستكون الأمور؟، ما هو الجديد الذي سنشهده من أنشطة عملية سنمارسها؟، من سيهجر مهنته أو حرفته أو عمله إلى صفحة مطوية مع الأيام؟. أسئلة كثيرة جوابها مع الزمن القادم بتغييراته المفروضة ليس علينا فقط بل على العالم ككل.
مما كان منتشرا من مهن وحرف ودعناها سابقا، اليوم نقف عند بعضها بغرض التذكير، وخصوصا بأن القائمة ستكون أطول في القريب العاجل.
مصلّح الوابور
الأيام الضاغطة علينا في سورية، دفعت الكثير من مستخدمي الفيسبوك للتحسّر على الأوقات الماضية، التي كان فيها الأجداد يستخدمون في طهي الطعام أو تجهيز المشروبات “الوابور” أو “البابور” بدلا من إشعال الحطب،الأمر الذي نشر مهنة جديدة بالأرجاء، ففي تلك الأثناء كان رجل البابور” يجوب الشوارع لإصلاح هذه الأداة بتغيير إبرته أو بتسليك “الفونية”. وبعد مضي السنين وتطور الصناعات البشرية ظهر غاز الطبخ بحلوله السريعة والسهلة للغاية بإنجاز مهمة الطهي من دون بذل الجهد بالحصول على الكاز، أو في المحاولات المتكررة والمضنية لإشعال الباربور، الأخير الذي تحول إلى قطعة أنتيكا.
مبيّض النحاس
العصرنة والتطور تنوعت بكل مجالات الحياة لتصل إلى أواني المطبخ، هذه التي كانت عبر الحضارات مصنوعة من الفخار، لتتطور وبحسب غِنى البلدان بثرواتها وطاقاتها الفكرية فاستعاضت عن الطين بالمعدن وصاغته أواني متنوعة الأحجام. وللأواني النحاسية مكانة كبيرة عند السوريين، فما من بيت إلا ووجدت فيه بأحجامها المختلفة بحسب استعمالاتها، وبالتالي ومع كثرة الاستخدام، ظهرت في تلك الآونة حرفة مبيّض النحاس، هذا الرجل كان يتجول بين الأحياء القديمة، حيث تكون ربّات البيوت بانتظاره، فكان يشعل النار ويعيد للأواني ألوانها الطبيعيّة باستخدام القصدير والنشادر والرماد والخيش والقطن.
القطّانجي
الندّاف،المُنَجِد أو القطّانجي، ثلاثة أسماء لحرفة واحدة يقوم صاحبها بنفش القطن الطبيعي أو صوف الخِراف وتحويله إلى الـ”الدوشق” واللحاف والمساند والمطارح والمخدات وغيرها.هذه الحرفة قديمة جدا ويمكننا القول إنها ماضية نحو الانقراض، لكون من يعمل بها يرثها من العائلة وإن حصل واستمرت،نعثر عليها في الأرياف المترامية والنائية والتي مازالت محافظة باستعمالها للمفروشات التراثية القديمة.
القباقيبي
تعود هذه الحرفة إلى أيام الفاطميين والعثمانيين، حيث كان يستخدم القبقاب بكثرة في المنازل والحمامات الشعبية، وفي الأرياف يكون من ضمن جِهاز أيّ عروس، بعكس اليوم فلا أحد يقتنيه إلا لأمور تراثية، رغم أنّ مراحل صناعته معقدة، حيث يحتاج القبقاب إلى قطع خشب الصنوبر -على شكل أسافين- الذي يتحمل الماء والرطوبة، ثم يتم رسم طبعة القدم حسب المقاس المطلوب، وبعدها تتم إزالة الزوائد من على الجانبين، ومن ثم ننتقل إلى عملية اللف، وهي إزالة الزوائد الأمامية والخلفية من جهتي الأصابع وكعب القدم، وبعدها عملية التقديد، وهي تشكيل كعب القبقاب، ثم يأتي دور التنعيم أي حف القبقاب ليتم طلاؤه، لتكون آخر عملية وهي تركيب الجلد على القبقاب.
الطرابيشي


من النادر أن نصادف رجلا يضع طربوشا على رأسه، الأمر الذي عكس على هذه الصناعة والتي صدّرت لنا من تركيا، وحتى إن بحثنا في شوارع الشام القديمة فلن نجد إلا ورشتين أو ثلاثة مازالت تقوم بصناعة الطربوش بغرض تصديره إلى بعض الدول العربية كفلسطين ومصر ولبنان، أو حتى للدول الأوروبية. وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ ما نجده من طرابيش في الأسواق مصنوعة من الكرتون ومغلّفة بالمخمل، ونادرا ما نجد الطرابيش المصنوعة من القش ذات السعر المرتفع. وإن توقفنا عند اليد العاملة وبحسب المختصين، السوريين يعزفون عن تعلّم هذه المهنة، بل وهنالك فتيات يعملن بصناعة الطرابيش ومن دون الإجادة بالتفاصيل الدقيقة، في حين الشباب الذكور لا يرغبون بتعلّم هذه المصلحة لأنها لا تؤمن لهم مستقبلا أو رزقا جيدا .

الوطن – سوسن صيداوي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock