هل تتجه سوريا نحو الزراعة الذكية؟
مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي وهمية

أكد الخبير الاقتصادي د.علي محمد أن القطاع الزراعي في سوريا هو أحد القطاعات الرئيسية في الناتج المحلي الإجمالي وفق نسبه مساهمته خلال الأربعين السنة الماضية التي حافظت بشكل أو بآخر على استقرار معين بنسبة تراوحت من الـ 20 إلى 30 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي لافتاً إلى أن الإنتاج الزراعي ازداد كنسبة خلال سنوات الحرب رغم كل ما عانى ويعانيه.. لكن هذه الزيادة لا تعني أن القطاع الزراعي ازداد إنتاجه! موضحاً أن انهيار القطاعات الأخرى بفعل الحرب ساهم بانخفاض نسبتها في الناتج المحلي مع استقرار النسبة في الإنتاج الزراعي إلى حد ما، وظهر كأنه ارتفع في بعض السنوات لكن الحقيقة أن القطاع الزراعي كان ومازال يعاني بشكل كبير علماً أن بعض الأحداث الخارجة عن السيطرة كالحرائق على سبيل المثال ومواسم الجفاف التي شهدتها سوريا خلال سنوات مضت ساهمت في معاناة هذا القطاع وصولاً إلى حالة الجفاف التي نشهدها في 2025 وبالتالي القطاع الزراعي يحتاج إلى الكثير من الاستثمارات. هذا الاستثمار يجب أن يبدأ من البنية التحتية التي دمرت نتيجة الحرب كأنظمة الري أو حتى فتح الطرق بين المناطق الجبلية والحراجية للحد من الحرائق وغيرها لافتاً إلى أن المعاناة تكون مثلاً في أماكن تخزين المحاصيل كالقمح وغيره، وبالتالي كل ما له علاقة بإعادة بناء البنية التحتية الزراعية هو أمر مهم جداً للاستثمار.
والعامل الأهم أن 14 عاماً من الحرب على سوريا جعلها بعيدة كل البعد عن كل ما له علاقة بالتطور والتكنولوجيا، لذلك يجب العمل على وضع استراتيجية زراعية متماسكة متكاملة حديثة تتوجه للاستثمار في الزراعة الذكية والمائية وأنظمة الري الحديثة التي توفر المياه وكل ما يحتاجه نمو الإنتاج الزراعي ويساعد في التخفيض من استهلاك الموارد وبالمقابل يعظم من العوائد.
ويرى الخبير أنه لابد من العمل ضمن الاستراتيجية على زيادة تنوع المحاصيل سواء كانت خضراوات أم فواكه أو أي منتجات زراعيه أو نباتية /طبية أو عطرية وحتى عضوية/ وغيرها مؤكداً أن هذه الاستراتيجية يجب أن تكون حديثة ومتكاملة لتحقيق الأمن الغذائي ومؤكداً أن الأمن الغذائي لا يكون إلا بتكامل هذه الزراعات مع بعضها.
وأشار إلى أنه في العلوم الزراعية يوجد ما يسمى زراعات عمودية ومجتمعية كل هذه المصطلحات يجب العمل عليها والاستثمار فيها لأن تحقيق الأمن الغذائي مهم جداً على مستوى الفرد والمجتمع والوطن. وهذا يتطلب خطوات منها العمل على كيفية الشراكات مع المزارع من ناحية والشركات التي سوف تدخل بالاستثمار من ناحية أخرى وصولاً إلى كيفية تسويق المنتج.
أما القطاع الصناعي والخسائر التي لحقت به هي معروفة للجميع لكن الاستثمار في القطاع الصناعي يكمن بالمدن الصناعية مؤكداً أن وضع خطط واستراتيجيات لإنشاء مدن صناعية جديدة سوف يساهم بشكل أساسي في تحسين الإنتاج وتحسين سلاسل التوريد وتخفيض تكاليف الإنتاج ولكن لابد من الاستثمار في هذه المدن مع توفير كل ما له علاقة بالبنية التحتية من ماء وكهرباء وغيرها. مع وضع مزايا وحوافز للتشجيع على الاستثمار.
وأشار إلى أن التكامل بالاستثمار بين الصناعة والزراعة مهم ولاسيما في الصناعات الغذائية معرباً عن آثار الاستثمار بالزراعة والصناعة لتحقيق الأمن الغذائي وتخفيض الاستيراد _الخضر والفواكه والقمح- وغيرها مما ينعكس الطلب على القطع الأجنبي ويحسن ميزان المدفوعات والميزان التجاري مشيراً إلى أن الاستثمار بالزراعة يخلق فرص عمل تساعد في توطين العمالة الريفية مما يحد من الهجرة إلى المدن. والأمر ذاته ينطق على الاستثمار بالزراعة الذكية لجهة تأمين فرص عمل نوعية تساهم في زيادة الناتج المحلي وزيادة الدخل القومي مشيراً إلى أن الاستثمار بالصناعات الغذائية أو التحويلية وحتى الدوائية وغيرها ينوع الاقتصاد ويفتح آفاقاً اقتصادية جديدة، ويخلق فرص عمل وزيادة الدخول وزيادة القوة الشرائية والحد من البطالة والهجرة والاستقرار واستنزاف القطع الأجنبي أي إن زيادة الاستثمار الداخلي يجذب ويشجع الشركات والاستثمارات الأجنبية للدخول إلى سوريا.
هناء غانم